موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ١٤ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٩
أخلاقيات السير

د. صلاح جرّار :

قد يظنّ بعض الناس أنّ الضرر الذي يلحق بالمواطن نتيجة أزمات السير ونتيجة السلوك غير السويّ لكثير من السائقين ضررٌ آنيٌ يزول بزوال اللحظة التي يعاني فيها المواطن من تلك الأزمة أو من حادثة بعينها! وفي رأيي أن الضرر ليس آنيّاً على الإطلاق، بل إنّه يتجاوز تلك اللحظة إلى لحظات وأوقات قد تمتدّ إلى مدة طويلة جداً، ويكون الأثر في الحالة النفسية والمزاجية بالإضافة إلى أضرار صحيّة. وعلى الصعيد العام فإنّ الآثار السلبية كبيرة ومتعدّدة ولا سيّما على الاقتصاد الوطني، فالوقت الذي ينفقه المواطن ويضيع منه هباءً في أثناء ذهابه إلى عمله أو عودته منه أو في أثناء ذهابه لقضاء حاجة ما، هو وقت ثمين له قيمته الاقتصادية، فلو حسبنا آلاف أو ملايين الساعات التي تضيع هدراً كلّ يوم وقدّرنا قيمة الساعة بوصفها ساعة عمل للكهربائي أو للبنّاء أو لخبير الحاسوب أو لأستاذ الجامعة أو للطبيب، لوجدنا أنّها تساوي ملايين الدنانير يوميّاً. ولو أضفنا إلى ذلك الآثار النفسية التي ينتج عنها أمراض كالصداع والأزمات القلبية، وكذلك الآثار الاجتماعية كالخلافات الزوجيّة والنزاعات مع السائقين والمشاجرات الحادّة، لتبيّن لنا حجم الضرر الذي يلحق بالناس وبالوطن اقتصادياً واجتماعياً وصحّياً ونفسياً وغير ذلك.

إن مسؤولية هذه الأزمات تشترك فيها مؤسسات الدولة المعنيّة بالسير والطرقات، وكذلك المواطنون الذي لا يلتزم كثير منهم بقواعد القيادة وأخلاقيات السير، حيث توجد كثير من الظواهر السلبيّة التي تسيء للأردن وصورته، فمن ذلك على سبيل المثال أنّك إذا اضطررت لتهدئة سرعتك في أثناء القيادة بسبب مرور سيّدة أو طفل أو عجوز أو قطيع أغنام أو حتّى قطّة فإنّك لن تسلم من أبواق سيارات السائقين من خلفك التي قد ترافقها بعض الشتائم المقذعة، وكأن المطلوب أن تدهس من يمرّ أمامك كي يرضى عنك من كان خلفك.

ومن تلك الظواهر أيضاً عدم السماح لك بأن تترك أيّ مسافة أمان بينك وبين السيّارة التي أمامك، فإن فعلت ذلك فسوف يأتيك من اليمين واليسار من يحاول احتلال تلك المسافة حتّى وإن لم يكن بحاجة إليها.

ومن تلك المظاهر أيضاً السائقون الذين يسيرون بين مسربين مانعين من خلفهم من السائقين أن ينحرفوا يميناً أو يساراً.

ومنها كذلك إلقاء النفايات من نوافذ السيارة دون أيّ اعتبار للسيارات التي خلفهم وقد تستقرّ تلك النفايات على الزجاج الأمامي للسيارات التي خلفهم.

ومنها أيضاً انشغال السائقين باستخدام الهواتف المحمولة ممّا يشكّل خطراً كبيراً على السائق نفسه وعلى المواطنين من المارّة وغيرهم.

ومن ذلك أيضاً هؤلاء الذين يفرضون على جميع سائقي السيارات خلال أزمات السير أن يسمعوا الأغاني والموسيقى الصاخبة الصادرة عن سياراتهم.

هذه بعض المظاهر التي تحتاج إلى مراعاتها عند وضع قوانين السير حماية لأخلاقنا الجميلة وللذوق العام ولسلامة الوطن والمواطنين، ومن أجل وضع حدٍّ للتلوّث البيئي الصوتي والأخلاقي والنفسي.

(الرأي)