موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
الاراضي المقدسة
نشر السبت، ٢٧ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٤
أحد الآباء الاجداد

الأب بطرس ميشيل جنحو :

فصل شريف من بشارة القديس لوقا (لوقا 14: 16- 24)

قال الربُّ هذا المثَل: انسانٌ صنع عشاءً عظيمًا ودعا كثيرين * فأرسل عبدَهُ في ساعة العشاء يقول للمدعوّين تعالوا فإنَّ كلَّ شيءٍ قد أعِدَّ * فطفِق كلهُّم واحدٌ فواحدٌ يستعفون. فقالَ لهُ الاول قدِ اشتريت حقلاً ولا بدَّ لي ان اخرجَ وانظرهُ فأَسألَك ان تَعفيَني * وقال الآخَّر قدِ اشتريت خمسةَ فدادينِ بقرٍ وانا ماضٍ لأُجرّبها فأَسألَك ان تعفِيَني * وقال الآخرَ قد تزوَّجت امرأَةً فلذلك لا استطيعَ ان اجيءَ * فأَتى العبدَ وأخبر سيِدَهُ بذلك * فحينئذٍ غضِبَ ربُّ البيتِ وقال لعبدهِ اخرُج سريعًا الى شوراعِ المدينَةِ وأَزقَّتها وأدخِلِ المساكُينَ والجُدع والعميانَ والعُرجَ الى ههنا * فقال العبد يا سيّد قد قُضِي ما امرِتَ به ويبقى ايضًا محلٌّ * فقال السيّدَ للعبد اخرُج الى الطُّرقِ والأَسيجة واضطَّررهم الى الدخولِ حتى يمتلىءَ بيتي * فانّي اقول لكم إنَّهُ لا يذوقَ عشائي احدٌ من اولئك الرجالِ المدعوّين * لانَّ المدعَوّين كثيرون والمختارين قليلون.

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد . أمين

أيها الأحباء: جاءت كلمات السيد له المجد حول المكافأة في قيامة الأبرار وقد لاحظ هذا أحد المتكئين، أن السيد يتكلم عن ما بعد القيامة. وكان من الفريسيين بالتأكيد الذي يؤمنون بالقيامة وليس من الصدوقيين الذين ينكرونها. وكان فكر الفريسيين عن القيامة أن المسيح سيأتي ليملك على الأرض وسيقيم لهم وليمة عظيمة يقدم فيها لضيوفه خبزاً أسموه خبز الملكوت، وأنواعاً فاخرة من الأطعمة المصنوعة من لحوم البهائم والأسماك والطيور.

وكان رد المسيح على هذا الشخص يعني أن حرمان بعض الناس من دخول الملكوت ليس ناتجًا عن عدم دعوة الله لهم، لكن هو ناتج عن عدم قبولهم دعوة الله. وأن الذين سيحظون بالدخول إلى ملكوت الله هم أبعد الناس عن فكر الناس، فالذين يدخلون هم المساكين والجدع والعرج والعمي. فإذا كان هؤلاء هم بنو الملكوت أفلا تدعونهم أنتم في ولائمكم. أصحاب العهود رفضوا الدخول مثل الفريسيين والكهنة، وسبقهم المساكين، شعب الله اليهودي أغلبه رفض وسبقهم الأمم للدخول.

وقد رأينا كيف أن المدعوين الثلاثة إلى الوليمة ومدى رفض اليهود للمسيح بسبب إهتمامهم بالأرضيات وجمع الأموال وحسدهم للمسيح لإلتفاف الناس حوله، وعنادهم. لكنهم ما زالوا يشيرون لكل واحد منّا من الذين يهملون دعوة المسيح لهم للخلاص. وأمام رفض اليهود أصحاب الملكوت دعوة المسيح، وجه المسيح دعوته للمساكين والجدع والعرج والعمي. وهؤلاء يشيرون للخطاة والمنبوذين من إسرائيل. ولكن في دعوة السيد إلى العشاء، الله يريد أن الجميع يخلصون. وهذا العشاء العظيم هو وليمة سماوية وليست طعاماً وشراباً، بل سعادة سماوية يذوق المدعوون بعض أطيابها الروحية كعربون هنا على الأرض من خلال سر الشكر الإلهي المعروف بالإفخارستيا. متذكرين السيد الذي علق على خشبة الصليب من أجل خلاصنا. وعندما دعا هؤلاء نعلم علم اليقين أن الدعوة وجهت أولاً لليهود ولما رفضوها وجهت للأمم.

فيا أبناء كنيسة المسيح! لنستعرض في ذاكرتنا أفكارنا باحتراس. لنفتش قلوبنا، ألا يوجد فيها بغض أو شر. هوذا جاء جميع المساكين والفقراء إلى هذه الوليمة. أليس من الأجدر بنا أن نعطي جل أهتمامنا ونحكم ضمائرنا ونبتعد عن الأقوال غير الهادفة المؤدية بنا إلى طريق غير سوي. وننظر بعيون ثاقبة إلى النعمة التي نحن حاصلون عليها بقوة إيماننا.

وأن الذين سيحظون بالدخول إلى ملكوت الله هم أبعد الناس عن فكر كل واحد منا، فالذين يدخلون هم المساكين والجدع والعرج والعميان. فإذا كان هؤلاء هم بنو الملكوت أفلا تدعونهم أنتم في ولائمكم.

ونتذكر ما يقوله القديس يوحنا فم الذهب: إن دعوت صديقاً يبقى يشكرك حتى المساء، لكن الصداقة تبقى إلى حين وتنتهي سريعاً جداً فلا توازي ما تكلفته من مصاريف. أما أن دعوت فقيراً أو مشوهاً، فإن الشكر لا يفسد، لأن الله يذكره لك أبدياً، لن ينساه، إذ يكون هو نفسه مديناً لك.

وختاماً أيها الإخوة الأحباء: إن المدعوين كثيرون والمختارين قليلون. قد نعلم أننا من المدعوين، لكننا لا نعلم إن كنا من المختارين فيجب على كل منا أن يرتعد ويخاف من أجل أعماله متّكلاً على رحمة الله في كل شيء فلا يجوز لأحد أن يتكل على قوته الخاصة. إن من يقوّي اتكالنا هو الذي ارتضى أن يأخذ طبيعتنا البشرية لأجل محبته لنا هو سيدنا يسوع المسيح الذي يملك مع الآب الأزلي والروح المحيي إلى دهر الداهرين آمين.