موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر السبت، ١٤ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٧
"آني" المدينة الأرمنية التي يقولون إنّها كمال الجمال

القدس - أشخين ديمرجيان :

<p dir="RTL"><strong>العاصمة &quot;آني&quot; </strong><strong><span dir="LTR">ANI</span></strong></p><p dir="RTL">ذاع صيت &quot;آني&quot; اليوم، على المستوى العالميّ، كرمز للإرث الثقافيّ والدينيّ والقوميّ للأرمن، لأنّها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحضارتهم العريقة، وتزخر بثروة تاريخيّة وتنعم بمكانة روحانيّة مرموقة<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">كانت &quot;آني&quot; العاصمة السياسيّة والتجاريّة لمملكة &quot;الپاكرادونيّة&quot; الأرمنيّة ما بين سنة 961م إلى 1045م، وتحوي صروحًا ثقافيّة وتاريخيّة، وتمتلىء بفيض غزير من أرفع الآثار شأنًا وأعظمها قيمة، أضف إلى ذلك أنّها كانت بمثابة مسرح حيّ لكثير من الأحداث التاريخيّة ذات التّأثير المأثور. سنة 961م نقل الملك &quot;أشود&quot; الثالث العاصمة الأرمنيّة من &quot;كارس&quot; إلى &quot;آني&quot;. وفي سنة 992م انتقل كرسي الكاثوليكوسيّة الأرمنيّة أي البطريركيّة الجامعة إلى &quot;آني&quot;. وكان عدد السكان في القرن الحادي عشر الميلاديّ يتعدّى المئة ألف نسمة.</p><p dir="RTL">كانت مدينة &quot;آني&quot; مليئة بمئات القصور زاخرة بالحصون تغصّ بدور العبادة، وتحوي منشآت صناعيّة وتجاريّة وتعليميّة وحيويّة كانت الأكثر تطوّرًا في العالم من النواحي الفنّيّة والتقنيّة، والأكبر حجمًا ونشاطًا<span dir="LTR">.</span> ومع أنّ &quot;آني&quot; اشتهرت بعظمتها وسنائها، إلاّ أنها بدأت تعاني من الاضطرابات السياسيّة في بداية القرن الحادي عشر الميلاديّ، واحتلّها على التوالي كلّ من البيزنطيين، والسلاجقة، والفرس، والجورجيين. وزاد الطين بلّة وقوع الزلازل وغزو التتار في القرن الثالث عشر الميلاديّ ممّا دفع عددًا هائلاً من السكان إلى الفرار.</p><p dir="RTL">تميّزت &quot;آني&quot; بمركز تجاريّ مرموق تُحسد عليه في القرن الرابع عشر الميلاديّ، إلاّ أنّ مجدها صار في أفول، بعد أن أخذت الطرق التجاريّة تتجاوزها إلى الاتّجاه الجنوبيّ. وبحلول نهاية القرن الثامن عشر الميلاديّ، أمست &quot;آني&quot; مُقفرة موحشة تمامًا.</p><p dir="RTL">أُطلِقَ على مدينة &quot;آني&quot; في أيّام مجدها اسم &quot;مدينة الأربعين بوابة&quot; و&quot;مدينة الألف كنيسة وكنيسة&quot; إلاّ أنّها لم تحتفظ سوى بالقليل من منشآتها الحيويّة الثّمينة. من بين المباني التي كُتب لها البقاء كنيسة المخلّص التي عانت من الإهمال وتعرّضت للتخريب والزلازل العديدة. وفي عام 1930م، ضربت الصاعقة القسم الجنوبيّ الشرقيّ من الكنيسة شقّته إلى نصفين، وهدّدت سلامة المبنى.</p><p dir="RTL"><strong>تتواصل الجهود من أجل تحسين ملامح المدينة وترميمها</strong></p><p dir="RTL">فهي تقع على بوّابة القوقاز. ويقول وزير السياحة: مدينة &quot;آني&quot; تُعدّ من أبرز المراكز في التراث الثقافيّ الأرمنيّ في تركيا، ونحن نفتخر بتراث الأناضول التاريخيّ الساحر، وسنعمل ما يليق بنا، من أجل الأجيال القادمة&quot;.</p><p dir="RTL">يعود تاريخ مدينة &quot;آني&quot; -إحدى أجمل العواصم الأرمنيّة المتهدّمة والأثريّة بامتياز- إلى القرون الوسطى. وتقع قرب حدود أرمينيا الحاليّة ضمن الأراضي التي ضُمّت إلى تركيا. وعلى الهضبة المنعزلة التي كانت&nbsp; تحضن إحدى المدن العظيمة في العالم، يتواجد فيها اليوم عدد قليل فقط من المباني المتبقّية.</p><p dir="RTL">فيما مضى تحدّث وزير السياحة التركيّ &quot;غوناي&quot; حول قيمة &quot;آني&quot; التاريخيّة الكبيرة وإمكاناتها في جذب السياحة الدوليّة، قال: &quot;إن &quot;آني&quot; تتمتّع بأهمّيّة عالميّة&quot;. وأردف: &quot;إضفاء حياة جديدة على بقايا المباني الرائعة التي كانت قائمة ذات يوم، مثل كاتدرائيّة &quot;آني&quot; وكنيستها، سوف يساهم في إيجاد فرص اقتصاديّة جديدة في المنطقة<span dir="LTR">.&quot;</span></p><p dir="RTL">ونقلاً عن صحيفة أرمنيّة نورد ما يلي: &quot;منذ 2013م بدأ العمل لإعادة تأهيل كنيسة المخلّص، وترميم الكنيسة الأمّ في مدينة آني. لقد أثار المجلس العالميّ للمواقع الأثريّة مسألة مشاركة الاختصاصيين الأرمن في الجمعيّة العامّة للمنظمة، ووُجّهت دعوة إلى مهندس معماريّ أرمنيّ مقيم في موسكو يُدعى أرمين غازاريان، وأشركوه في أعمال ترميم كنيسة المخلّص&quot;.</p><p dir="RTL">وأعلن السيّد كيفوركيان رئيس منظمة المجلس العالميّ للمواقع الأثريّة في أرمينيا: &quot;العناية المتزايدة لتركيا بالتراث الثقافي في السنوات الأخيرة تؤدّي إلى تطوير السياحة في الأصل&quot;، و&quot;إنّ الكنائس البعيدة عن المناطق السكنيّة يستهدفها لصوص الكنوز&quot;. ولكن السكان أدركوا أنّ تلك الآثار قد تكون مصدر رزق لهم. لذلك يحافظون عليها. ويعتني الأكراد على سبيل المثال بنظافة كنيسة &quot;ڨاراك&quot; الأثريّة. ويقومون ببيع الهدايا التذكاريّة بقربها&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>الفن المعماريّ القوطيّ</strong> <strong><span dir="LTR">(gothic)</span></strong><strong> في الغرب</strong></p><p dir="RTL">إنّه منقول عن الهندسة المعماريّة الأرمنيّة في بداية العصر المسيحيّ. كان المعماريّون الأرمن الذين ساهموا في بناء مدينة &quot;آني&quot; من المبتكرين في فنّ العمارة، وقد شيّدوا الكاتدرائيّات والكنائس التي تميّزت بعناصر شاهدناها لاحقًا تتكرّر في فنّ العمارة والكاتدرائيّات القوطيّة في الغرب: الأقواس مستدقّة الرأس، الأعمدة المجمّعة سويّة، القباب، السقوف المقنطرة والتصاميم صليبيّة الشكل.</p><p dir="RTL">وفي &quot;آني&quot;، تمثّل الأنقاض الحجريّة لكاتدرائيّتها الكبرى وأطلالها -تحفة من تحف الأسلوب الأرمنيّ في فنّ العمارة في العصور الوسطى- وتُشير إلى ذلك كنيسة القدّيس غريغوريوس الشاهدة بصمت على الأسلوب القوطيّ الذي نسخه الغرب<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL"><strong>خاتمة </strong></p><p dir="RTL">يكوّن الأرمن، حيثما حلّوا وأينما وُجدوا، جزءًا من النسيج الاجتماعيّ والثقافيّ والسياسيّ الفعّال والمبدع، ويتّخذون من البلدة التي يعيشون فيها موطنهم الثاني، وهذا دليل قاطع على صحّة نظريّة &quot;التعدّد المجتمعي&quot;.</p><p dir="RTL">مَن يُنكر مكانة الآثار وأهمّيّة التراث في دعم انتماء المواطن لحضارته وتاريخ أجداده، وفي تشكيل هويته الثقافيّة؟! لذلك ينبغي على المجتمع الدوليّ نشر التوعية عن آثار الأمم وتراثها ومعالمها التاريخيّة في كلّ مكان وزمان، لأنّها جزء لا يتجزّأ من تاريخ تلك الأمم وحضارتها، وأن يشرع في تطوير المتاحف، والعناية بالآثار لا تدميرها، وأن تكون حماية الآثار مسؤوليّة عالميّة تتحمّلها جميع الدول.</p><p dir="RTL">وهكذا جسّد المهندسون والفنّانون الأرمن ما ورد في المزامير: &quot;البهاء في هيكله والسناء، الجلال في مقدسه والجمال&quot;. وما كرّره السيّد المسيح عن مكان العبادة: &quot;بيتي بيت صلاة يُدعى لكلّ الشّعوب&quot; (متّى 21 : 13).</p>