موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٥ مارس / آذار ٢٠١٦
«دير مار سابا» ينتظر الانضمام لقائمة التراث العالمي

دير مار سابا – رويترز :

عند إعداد وزارة السياحة والآثار الفلسطينية قائمة تمهيدية للمواقع الأثرية المرشحة للانضمام إلى قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمي كان دير مار سابا في صدارة 20 موقعا مرشحا حاملا معه 1500 عام من التراث الإنساني والديني لمنطقة من أثرى بقاع الأرض بالأديرة والكنائس. والقائمة معدة منذ فترة لكن المساعي في هذا الصدد تسارعت بعد أن أصبحت فلسطين تتمتع بعضوية كاملة في اليونسكو في 2011.

ومن بين المواقع الأخرى في قائمة المواقع المرشحة جبل جرزيم وكهف شقبا وتل أم عامر وميناء غزة القديم وقرى الكراسي والبلدة الخليل القديمة. ونجح الفلسطينيون في الآونة الأخيرة في تسجيل المدرجات المائية في قرية بيتير على لائحة التراث العالمي.

ويقع دير مار سابا في صحراء وادي الجوز التي تبعد نحو 20 كيلومترا عن مركز مدينة بيت لحم. وبني هذا الدير بطريقة هندسية فريدة قبل 1500 عام بيد الراهب مار سابا ومعه مجموعة من الرهبان على سفح أحد الجبال المتصلة بسلسلة جبال. ويكاد يكون الدير منحوتا في بطن هذه الجبال. ويرمز دير مار سابا إلى حياة «الرهبنة الصعبة» لذلك يقصده رجال الدين المسيحي من كان مكان بالعالم.

وقال أحمد الرجوب، مسؤول ملف التراث العالمي في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية «لدينا أولويات في تسجيل بعض المواقع الفلسطينية على لائحة التراث العالمي في اليونسكو وبالتأكيد هذا الدير يستحق أن يكون على لائحة التراث وقد يكون ذلك خلال الفترة القادمة» دون أن يحدد موعدا لذلك.

وأضاف أن ما يميز الدير إضافة إلى الفن المعماري فيه أن هناك العديد من الرهبان المهمين الذين أقاموا فيه ومنهم يوحنا الدمشقي عام 720 ميلادي خلال الفترة الأموية حيث كان الدير تجمعا للرهبان. وقال إن البناء شهد تفاعل العديد من الحضارات وإن آخر مرة جرت فيها أعمال ترميم وبناء في الدير كانت عام 1840 من قبل الكنيسة الروسية.

ويروى الرجوب حكاية نشأة الدير قائلا «نتيجة شهرة القديس سابا وسمعته كرجل تقي تجمع حوله الرهبان الذين وصل عددهم إلى خمسة آلاف راهب وعاشوا في هذه المنطقة». وأضاف «بعد تجمع هذا العدد الكبير تم بناء أول دير عام 482 وهو من أقدم الأديرة الموجودة في فلسطين ونحن نتحدث عن 1500 عام لم يهجر هذا الدير رغم تعرضه لأكثر من تدمير». وتابع قائلا إنه «كوظيفة دينية بقي مستخدما من تلك الفترة لغاية لهذه الأيام لذا هو من أقدم الأديرة في فلسطين وقد يكون في العالم الذي حافظ على استمراريته على مدار 1500 عام».

ويحتاج الوصول إلى المكان المرور ببلدة العبيدية والسير عدة كيلومترات في منعطفات ومنعرجات تتخللها مناظر تلال وجبال خلابة. ويبدو المكان تحفة معمارية حيث يرتفع في أجزاء منه إلى عدة طبقات إضافة إلى العديد من الأبواب والممرات الضيقة التي تؤدي إلى أقسام متعددة من المبنى الذي يضم نبع ماء وكذلك مجموعة من الآبار لجمع مياه الأمطار.

ويحيط المبنى من إحدى جهاته سور ضخم إضافة إلى برجين مرتفعين يبدو أنهما استخدما لحراسة المكان وحمايته من الهجمات الخارجية. ويشكل المكان فرصة لعشاق المشي حيث يحتاج الوصول إلى الكهف الذي أقام فيه القديس سابا النزول عبر درج طويل جزء كبير منه نحت في الصخر والصعود مرة أخرى على الجبل المقابل للوصول إلى ذلك الكهف.

وقال الراهب فيرويد كلايكس أحد المقيمين في الدير الذي يبدو كقلعة شيدت وسط سلسلة جبلية «نحاول الحفاظ على طابع الحياة القديمة ونأمل أن نبقى على خطوات القديس سابا بالقدر الذي نستطيع». وأضاف أن «أول كنيسة أقيمت في المكان عام 481 ومن هنا بدأ تاريخ المكان وبدأت تقام العديد من البنايات وهذا الدير لم يغلق أبدا على الرغم من أنه تم تدميره عدة مرات وفي كل مرة كان يعاد بناؤه».

ويستمر الدير في تطبيق تقليد قديم يمنع النساء من دخوله. وقال كلايكس «منذ بداية إنشاء الدير العادات والتقاليد كانت لا تسمح للنساء بالوجود فيه لأسباب روحية. بعض الأديرة غيرت هذه التقاليد وأصبح بإمكان الجميع رجال ونساء الدخول إليها ولكننا هنا مستمرون في هذا التقليد».

ويمكن للنساء الوصول إلى مدخل الدير والوقوف على بابه أو النظر إليه من الخارج والحصول على شربة ماء من نبع الماء فيه أو بعض الطعام بدعوى البركة. وجلست العديد من النساء على مدخل الدير ينتظرن أحد الرهبان أن يخرج إليهن.

وقالت روز السقا فيما كانت تقف مع مجموعة من النساء على مدخل الدير «هذا المكان لا يوجد مثله في العالم. فلسطين كانت أم الأديرة والرهبان». وأضافت «الدير للنساك.. للرهبان ونحن نأتي لأخذ البركة».