موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٣٠ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
ونحن على أعتاب عام جديد.. مكانة الزمن كفسحة ملكوتية على الأرض

البطريرك يوحنا العاشر :

"نحن على عتبة سنة جديدة. والجِدة ليست في السنة، بل الجدة هي في تصميمنا على تحويل الزمان إلى صالح الحقيقة، على إعطاء الزمان معنىً غيرَ المعنى الذي نعرفه. أن يكون الزمان تعبيراً عن قدسية حياتنا ووجودنا، أن ننفخ فيه روح نعمة الربّ التي فينا لتعود إليه أزليته ويتهادى في سهول قداستنا. الجدة ليست في السنة بل في تصميمنا على صوغنا لكياننا من جديد… وصياغة كياننا تعني فتح ذراعينا لتضما المساكين والمستضعفين في الأرض. أن نكون قوة تميت ضعفهم وتحررهم من مذلتهم. صياغة كياننا تجعلنا دسماً يشبع الجياع وثياباً يلبسها العراة ويداً تأخذ بيد المخلعين لتقودهم إلى المرابع الخيرة" [1].

"لأجل ذلك مسحني وأرسلني لأبشر المساكين وأشفي منكسري القلوب وأنادي للمأسورين بالتخلية وللعميان بالبصر وأطلق المهشمين إلى الخلاص وأكرز بسنة الرب المقبولة". هذا بدء البشارة بربنا يسوع المسيح هذا برنامجه وهذه خطته… هذه كلمات عمرها أكثر من الفيّ عام. هذه كلمات عتيقة ولكنها ترن في آذاننا وكأنها ابنة اليوم. قالها المسيح الربّ منذ ما يربو على ألفي عام، ذاكراً المساكين والفقراء ومنكسري القلوب" [2].

لعل هذه الكلمات تختصر معنى عيد اليوم، وتجلو كثيرًا من الأسئلة الوجودية التي قد يسألها كلٌ منا عن معنى العيد الزمني وعن مكانة الزمن كفسحة ملكوتية من على هذه الأرض.

في هذا اليوم تتجه قلوب المؤمنين إلى الرب الخالق أن يمن بالسلام على الدنيا، كل الدنيا. في هذا اليوم نقترب من مذود بيت لحم طالبين من طفل السلامِ السلامَ لأرضه وللشرق الأوسط وللعالم كله. في هذا اليوم ننحني مثل مريم أمام طفل المغارة لننشد معها ومع رعاة بيت لحم: "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة".

فلنتأمل سويًا حدث الميلاد ولنقتد بمريم ولنرفع معها صلاة حارة لابنها يسوع الذي يختصر بين عينيه محبة الربّ للبشرية ورجاء البشرية بمراحم الثالوث، صلاةً من أجل السلام في المشرق، الذي فيه ولد المسيح الربّ.

رسالة عيد اليوم إلى العالم أجمع بأن يوقف الحرب في سوريا، وفي العراق، وفي اليمن، وفي ليبيا، وفي العالم بأسره. صلاتنا اليوم من أجل فلسطين، التي ترزح تحت نير الأوضاع الإقتصاديّة، بسبب غياب السلام، ومن أجل مهد المسيح الربّ، ومن أجل الأردن، ومصر. صلاتنا من أجل كل المشرق والعالم.

نصلي إليك أيها الربّ يسوع في بدء السنة الجديدة أن تقدس أيامنا بحضورك وأن تفتقد ضعتنا بمبضع رحمتك. نرجوك وأنت الضابط إيقاعَ زماننا أن تضع عزاءك في قلبنا. من وداعة عينيك نستمد مواطن القوة ومن ضعة مذودك نرتشف قوة الرجاء فكن أنت كلّاً للكل وانفح حياتنا بنسمة قداستك لنرتل لك: "المجد في الأعالي لله وعلى الأرض السلام، الذي أثابنا به حضورك يا مخلصنا المجد لك".

-------------------------------

* مقتبسات من عظة البطريرك يوحنا العاشر في الكاتدرائيّة المريمية بدمشق، 1 كانون الثاني 2015
[1] عظة البطريرك الياس الرابع في مطلع سنة 1971.
[2] عظة البطريرك إغناطيوس الرابع في مطلع سنة 1997.