موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الثلاثاء، ١١ سبتمبر / أيلول ٢٠١٨
عندما تنهار الأسرة

بيت لحم - د. شارلي أبوسعدى :

<p dir="RTL">جاءني قبل أيام قليلة صديق يشاركني همومه عن مشاكل العائلات والمصاعب التي تمر بها العلاقات الأسرية. وكان تركيزه على موضوع إدمان المخدرات والعدد غير قليل من الشباب الذين أدمنوا هذه السموم مستسلمين للإغراءات ولصعوبات الحياة المختلفة.</p><p dir="RTL">إن أسباب الإدمان كثيرة ولا أنوي ذكرها هنا، فالهدف من هذه الكلمات أن أبحث عن دور الوالدين، نعم... الأب والأم. إذ يرى صديقي أن من أسباب مصاعب عائلاتنا في يومنا هذا هي الأب والأم. على الوالدين أن يصحيا من سباتهما العميق ليرجعا للواقع الذي يعيشان فيه. واقع يجب فيه احترام الله ووصاياه والمجتمع وعدم الإنصياع للشهوات البائسة التي تقود إلى الموت الروحي والجسدي في آن واحد.</p><p dir="RTL">فلا شك أن الآباء يريدون لأبنائهم أن يكونوا أولاداً مطيعين لهم ولله أولاً ولوصاياه. وعندما يُحيد أي شخص عن الله وإرادته فإن النتيجة المتوقعة ستكون ما بين الخوف والرفض والغضب والألم والعصيان والتمرد، فتتمزق الروابط الأسرية وتتحطم العائلات. عندئذ يتساءل الآباء: لماذا؟ كيف أخطأنا وأين؟ وقد يؤدي هذا بهم إلى الشعور بالذنب وإلى مراجعة الذات، وعندها قد يشعر الأبوان بالإخفاق فتتوتر العلاقات في داخل الأسرة وينتهي المطاف بانهيار الأسرة.</p><p dir="RTL"><strong>إخفاق الوالدين في التربية</strong>: على الوالدين من جهة تربية الأولاد تربية صالحة. أمّا من الجهة الثانية فإن الأبناء قد يُصرّون على الخطأ والتمرد فيختارون بالتالي طريق الضياع منجرين إلى أعمال الظلمة والخطيئة. إن هذا لا يلغي دور ومسؤولية الآباء تجاه تربية أولادهم وردعهم متى دعت الحاجة. وقد يكون السبب وراء تمرد الأولاد هو اخفاق الوالدين في التربية، عبر اللجوء إلى قسوة مفرطة في التعامل مع الأبناء أو البنات. التربية الصحيحة والناجحة تعتمد طرق المحبة، فتحصل على النتائج المرجوة، بينما تؤدي القسوة عادة إلى نتائج سلبية. إن السلطة التي أعطاها الله للوالدين ليست رخصة لتفريغ غضبهما وفشلهما على أبنائهم. فالضرب والتسلط بشكل عام قد يرغم الأولاد إلى الخضوع بدافع الخوف، ولكن الخوف يدفعهم في نهاية الأمر إلى التمرد في مرحلة المراهقة وما بعدها.</p><p dir="RTL"><strong>مواقف وسلوكيات يجب تجنبها</strong>: إن أراد الآباء أن ينجحوا في تربية أبنائهم وبناتهم، فهناك مواقف سلوكية لا بد من الالتزام بها وأخرى عليهم تجنبها، كالاحتقار والنفاق وحب المال والظهور والثرثرة، والسير وراء الموضة وسهر الليالي والتدخين... ومن أهمها إدمان وسائل التواصل الاجتماعي. إن كان الأبوان لا يحترمان الله ولا المجتمع وتقاليده ولا المسؤولين عنه، وإن كانت الأم تحتقر سلطة زوجها، فهذه مواقف لن تسمح بتحقيق التربية الصالحة. بل تؤدي إلى تمرد الأبناء وعدم احترامهم لوالديهم. وإن كان الوالدون يقولون شيئا ولا يفعلونه فهذا أيضًا أثره سيء على الأولاد الذين يبحثون عن المثالية والكمال خصوصاً في آبائهم.</p><p dir="RTL">وإذا انصرف الوالدان فقط إلى تجميع المال غير مهتمين للقيم، وقضوا الساعات والساعات في كنز الأموال بطرق مختلفة، وانغمسوا في طلب مسرات هذا العالم، فسيسير الأولاد على درب آبائهم، يطلبون المال ومتع الأرض، وقلما ينظرون إلى قيم السماء. ولن يجدوا الحياة التي يريدونها.</p><p dir="RTL"><strong>إنشغال الأهل في الأمور الحياتية</strong>: عليك أيها الوالد وأيتها الوالدة أن تسألا نفسيكما كم من الوقت تقضيان مع أولادكم؟ نعم، الحياة بحاجة إلى التعب والسهر والعمل المتواصل. لكن العديد من الآباء لا يأتون إلى المنزل إلّا عند المساء. سواء كان هذا التقصير مقصوداً أم غير مقصود فعليكم أن تَعُوا أن الأبناء يدركون محبتكم لهم بقدر الوقت الذي تصرفونه معهم، فلا تتجاهلوهم.</p><p dir="RTL"><strong>الخلافات الزوجية</strong>: قد يختلف الابوان بسبب العديد من الضغوطات فيتشاجران ويتخاصمان لأتفه الاسباب، والأولاد يراقبون ما يجري ويلتقطون العدوى بسهولة. فيتعلم الأبناء أن من حقهم مجادلة آبائهم ومخاطبتهم بعدم الاحترام. بالإضافة إلى أن الخلافات بين الوالدين تؤدي أيضاً إلى شعور الأولاد بعدم الأمان والغضب وقد يُفضي هذا إلى تمرد الأولاد.</p><p dir="RTL">إن المجتمع والواقع العام الذي نعيشه بحاجة إلى أسرة معافاة متماسكة متحابة، تستطيع أن تواجه أزمة البقاء التي نمر بها اليوم في وطننا العربي، وتساعد الأبناء والبنات على المواجهة نفسها، للنجاح والبقاء. هذه بعض النصائح للتفكير ولمحاسبة الذات. ولنحافظ جميعا على الكرامة التي منحنا إياها الله، ولنعدَّ أجيالا صالحة وقوية وقادرة على تحمل مسؤولياتها وعلى أن تعيش حياتها بصورة كاملة.</p>