موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الإثنين، ١٢ فبراير / شباط ٢٠١٨
رحيل أسماء مدانات، مؤسسة الجمعية النسائية لمكافحة الأمية‎

داود كُتّاب :

تعرفت على أسماء مدانات في لقاء عائلي حيث تم إعلامي أنها كانت وراء تسمية زوجتي “سلام” باسمها عند ولادتها.

قيل لي أن أسماء وهي ابنة عم حماي كانت في زيارة إلى القدس قبل سنوات الاحتلال عند ولادة زوجتي، وحسب حماي فإن أسماء كانت ملتزمة بمبادئ الحزب الشيوعي والذي كان شقيقها عيسى مدانات زعيم لفرعه الأردني.

أما حماي فكان قسيساً يرعى كنيسة انجيلية في القدس القديمة. فكون مبدأ السلام العالمي يعتبر من أدبيات الحزب الشيوعي وفي نفس الوقت من أهم مبادئ المسيحية، فلاقى اقتراح أسماء اسم “سلام” قبول لدى العائلة وتم تسميتها.

ومع انهيار الاتحاد السوفييتي ومعه الكثير من الأحزاب الشيوعية حول العالم اعتقد البعض ان الفكر الاشتراكي انتهى. ولكن أسماء وغيرها كان لهم رأي آخر. لقد طبقت أسماء مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس من خلال العمل التطوعي وكانت مواقفها الوطنية تنبع من مبدأ مساواة الشعوب وحقهم في الحرية والسلام.

لقد لفت انتباهي اهتمام أسماء مدانات بوضع النساء الأردنيات وخاصة في مجال محو الأمية. فبعد أن تم إبعاد أسماء من المدرسة الأرثوذكسية بضغوط امنية بعد ان اخذت طلاب المدرسة لمشاهدة معرض عن مجزرة صبرا وشاتيلا في مجمع النقابات, قامت بتخصيص وقتها وجهدها في المجال الإنساني الاجتماعي وفي ما يخص بتثقيف وتمكين المرأة.

فقد أسست أسماء مدانات الجمعية النسائية لمكافحة الأمية عام 1972 وقد نجحت في توفير الموارد المالية لبناء مكاتب ومخازن وفرت للمؤسسة الاستمرارية من خلال ريع تأجير المخازن ولا تزال تلك المؤسسة قائمة ولها استمرارية حتى الآن.

كما وقامت أسماء بتمكين النساء الأردنيات من خلال تشجيعهم على العمل في مهن الخياطة وغيرها من أجل الاعتماد على الذات.

السيدة أسماء انتقلت عن هذه الأرض يوم الثلاثاء الماضي وتم دفنها في مقبرة سحاب بعد جناز أقامه الأب قسطنطين قرمش راعي الطائفة الأرثوذكسية في عمان والذي قدم كلمة رثاء عدد خلالها مسيرة حياة أم وفا مدانات والتي سماها ب “السيدة الفاضلة”.

بعد الانتهاء من المراسم الدينية في كنيسة أم الحيران شاركت كريمات أسماء مدانات- الدكتورة وفاء والدكتورة أمل في عملية تقبل التعازي. مشاركة النساء في صف قبول التعازي –الأمر الذي عادة يتم فقط من قبل الرجال – كان لفتة جميلة وتقدمية عكست نتائج ثقافة مبدأ المساواة بين الجنسين لتلك المرأة التقدمية التي عرفها الأردنيون بعملها الاجتماعي ومواقفها الوطنية وحسها الإنساني الأصيل.

أسماء يعقوب عايد مدانات ولدت في قرية أدر في محافظة الكرك عام 1934 وتوفيت في عمان في 6 شباط 2018، لها ابنتان وفاء وأمل وحفيد فراس أكرم مدانات.

أسماء “أم وفاء” مدانات مناضلة أردنية تقدمية قدمت الكثير لبلدها وللإنسانية.