موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ١٣ سبتمبر / أيلول ٢٠١٨
بين الفضول وحبّ الاستطلاع

د. صلاح جرّار :

يشترك حبّ الاستطلاع والفضول في صفة طلب العلم بالشيء أو السعي إلى معرفة أمورٍ ومعلومات تتوق لها النفس أو يحتاج إليها المرء في حياته.

إلاّ أن ثمّة فروقاً كبيرة بين الفضول وحبّ الاستطلاع، فالفضول صفة ذميمة، وحبّ الاستطلاع صفة محمودة، كما أنّ المعرفة التي يسعى إليها الفضوليّ غير المعرفة التي يسعى إليها من يحبّ الاستطلاع، والهدف أو الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها كلٌّ منهما تختلف عن الأهداف التي يسعى إليها الآخر.

وغالباً ما تكون المعرفة التي يطلبها الفضوليّ ذات طابع شخصي، كسؤال شخص عن العلاقات العائلية أو العلاقات الشخصية أو أسراره أو عن الناس الذين يحبهم والنّاس الذين يبغضهم أو عن خصوصياته التي لا يرغب الناس عادة في الإفصاح عنها. ويهدف الفضوليّ عادة من خلال سعيه إلى معرفة هذه المعلومات إلى استثمارها في الإساءة لصاحبها أو لمن يتحدث عنهم أو للإيقاع بين الناس أو للتباهي بين الناس بمعرفتها دون غيره، أو للتسلّي بها في المجالس، أو ليجعلها مفاتيح للدخول بها إلى مجالس وأشخاص لا يستطيع الدخول إليهم من غير شيء يتكئ عليه.

والأصل في من يضطر للتعامل مع أمثال هؤلاء الفضوليين أن يحجب عنهم أسراره وخصوصياته وأن لا يكشف أمامهم مواقفه من الأشخاص الذين يعرفهم وما يربطه بهم، ولا بأس عند التعارف بين الأشخاص والتحبب إليهم والتقرّب منهم أن يدور الحديث معهم عمّا تحبّ أو تكره من الأطعمة أو المشروبات أو الألبسة أو وسائل النقل أو البلدان أو الأفلام أو الأغاني، فالمجال في ذلك واسع ولا يتضمن كشفاً لأية أسرار.

أمّا حبّ الاستطلاع فإنه يدور عادة حول المعارف العامّة والعلميّة والحقائق المتنوّعة في الحياة والكون ويبتعد عن المعلومات الشخصية ما لم يكن شخصيات تاريخية أو عامّة وهي صفة تلازم الأذكياء عادة، وتهدف إلى زيادة المعرفة وتنشيط الذاكرة وزيادة القدرة على التفكير وإنتاج المعرفة والمعلومات.

إنّ توجيه الأبناء نحو صفة الفضول أو صفة حبّ الاستطلاع يعود إلى التربية المنزلية عندما يوجّه الآباء أبناءهم إلى حبّ المطالعة واختيار المعارف التي تنفعهم في حياتهم ومستقبلهم وتصرفهم عن التدخّل في ما لا يعنيهم من الأمور الشخصية للناس، مثلما يعود هذا الدور إلى المدرسة التي تعنى بصقل سلوك التلاميذ وتفكيرهم، وتجعل من معلّميهم قدوة صالحة في السلوك السليم والذوق الرفيع.

(الرأي الأردنية)