موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
العالم العربي
نشر الأربعاء، ٩ أغسطس / آب ٢٠١٧
المسيحيون المغاربة.. من الظل إلى العلن

الرباط - الأناضول :

المفارقة وسط الأقلية المسيحية في المغرب، أن المتحدث باسمهما، مصطفى السوسي، تحول من ديانة الأغلبية، الإسلام، ليكون واحدا من أكثر المدافعين عن حقوقها.

ترتبيته الدينية، ودراسته للعلوم الشرعية بدل الدراسة العادية، وانضمامه لجماعة إسلامية مغربية، هي ما يقول السوسي إنها دفعته لطرح ’أسئلة وجودية‘، ومن ثم دراسة المسيحية، على مدار عام، قبل أن يقرر تغيير دينه في 1995. وبشكل أو آخر، فإن تجربة المتحدث الرسمي باسم تنسيقية المسيحيين المغاربة (غير حكومية)، لعبت دورا في خروجهم من الظل إلى العلن، رغم نظرات المجتمع وتحديات الإدارة.

لم يكن السوسي (46 سنة) يعتقد يوما، أنه سيقدم على تغيير عقيدته، ولا حتى مجرد التفكير في التقصير إزاء واجباته التعبدية، بالنظر إلى التربية الإسلامية الصارمة، وسط المجتمع الذي ترعرع فيه. والحال كذلك، أخفى السوسي هويته الدينية الجديدة، تفاديا لغضب محيطه الاجتماعي، لا سيما بعدما قاطعه 4 من إخوانه، منذ 10 سنوات. وما يخفف هذه القطيعة الأسرية، أن اثنين من إخوان السوسي اعتبروا خطوته حرية فردية، ليس لهما حق التدخل فيها، فضلا عن وفاة والده، قبل الإفصاح عن دينه الجديد، في 2007.

وأمام هذا الوضع، لم يعلن الرجل دينه الجديد، إلا في كانون الأول الماضي، عندما ظهر برفقة أصدقائه المسيحيين، خلال الاحتفال بميلاد المسيح. وكان دافع السوسي إلى هذه المجاهرة، أن ’روح ثقافة الاختلاف بدأت تدب، نسبيا، في المنظومة الثقافية للمجتمع المغربي‘، طبقا لما قاله للأناضول.

من الظل إلى العلن

إعلان المسيحيون المغاربة عن أنفسهم رسميا، لم يكن عفويا ولا حماسيا، بل كان وفق برنامج مخطط له، بشكل مسبق، بدأ بتأسيس إطار قانوني، في آذار 2016، تحت اسم ’تنسيقية المسيحيين المغاربة‘. ويعود الإعلان إلى سببين، أولهما، كما يشير المتحدث باسم التنسيقية، ’آية في الإنجيل تحرم إنكار المسيحي هويته الدينية‘. والسبب الثاني، أن عدد المسيحيين في المغرب، وإن بقي ضئيلا جدا، ’أصبح يناسب الخروج العلني‘، لكن السوسي رفض تقديم رقم بعينه.

وبالرغم من تأسيس المسيحيين المغاربة إطارا قانونيا، حتى يتسن لهم المطالبة بحقوقهم كمواطنين، في إطار القانون، فإن ذلك لم يمنع من تعرضهم لبعض الصعوبات. ودفع ذلك، المسيحيين المغاربة إلى تقديم رسالة مستعجلة لمحمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي)، في 3 نيسان الماضي. وتطالب الرسالة بـ’الزواج المدني، والسماح بإقامة الطقوس المسيحية بالكنائس، ومقابر مسيحية (…) وأن يكون التعليم الديني للمغاربة المسيحيين اخياريا في المدراس المغربية‘. وأفاد المتحدث باسم المسيحيين المغاربة أن الصبار تفاعل مع مطالبهم بـ’إيجابية‘، ورفع المذكرة إلى رئاسة الحكومة، في انتظار الرد عليها.

مضايقات وحقوق

خلال الأشهر القليلة الماضية، ارتفع خروج المسيحيين إلى العلن، سواء عبر الصحافة المحلية والدولية، أو من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، مطالبين بحقوقهم. وكانت التنسيقية قد بعثت رسالة، اطلعت عليها الأناضول، إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، وبعض وزرائه، تطالب بـ’منح الوثائق الإدارية لهذه الشريحة، خصوصا بعد تسجيل عراقيل لبعضهم‘.

ويعتقد السوسي أن ’المضايقات التي تطال المسيحيين المغاربة لا تعدو كونها اجتهادات شخصية، يتحمل مسؤوليتها رجال الأمن وموظفو الإدارات العمومية، بشكل فردي‘. ودعا السوسي رئيس الحكومة والمؤسسات الحقوقية والأمنية لحماية المسيحيين المغاربة، بما يحفظ حقوقهم الدينية والمدنية، دون تعرضهم لـ’استفزازات ومضايقات في حياتهم اليومية‘.

وكان مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، قد قال، خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، إنه ’ليس في القانون الجنائي أي تجريم لتغيير العقيدة، ولا يمكن متابعة أي شخص لمجرد تغيير دينه‘. ونبه إلى أن حرية المعتقد، من الناحية الحقوقية، محسومة، وكذلك من الناحية الدينية.

ولا توجد إحصاءات رسمية لعدد المسيحيين، ولا الطائفة الشيعية، إلا أن تقرير الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية، لعام 2016، قدر المسيحيين بألفين إلى ستة آلاف شخص، في مختلف أنحاء البلاد، من أصل 34 مليون مغربي. وأفاد التقرير بأن ما بين ألف إلى ثلاثة آلاف مسيحي، يترددون بانتظام على ’كنائس منزلية‘، بينما يقيم في المغرب نحو 40 ألف مسيحي أجنبي، 75% منهم كاثوليك، والبقية بروتستانت. وبالمقابل، يمثل المسلمون السنة 99% من المغاربة، بحسب التقرير الأمريكي.