موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٦ سبتمبر / أيلول ٢٠١٩
الكاردينال بارولين: منطق الردع النووي لا يمكنه ضمان عالم يتمتع بالاستقرار

الفاتيكان نيوز :

شارك أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين الأربعاء 25 أيلول الحالي في المؤتمر الحادي العاشر لتسهيل بدء نفاذ معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، وذلك في إطار أعمال الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وتحدث أمين السر في بداية مداخلته عن مصادقة الكرسي الرسولي على المعاهدة المذكورة، ما يؤكد قناعته بأن حظر التجارب النووية وعدم انتشار الأسلحة النووية ونزع السلاح النووي مترابطة فيما بينها، ويجب تحقيقها في أسرع وقت ممكن برقابة دولية. ووصف الكاردينال بارولين هذه المعاهدة بعامل أساسي في الجهود الدولية الساعية إلى السلام والأمن في العالم. أعرب أمين السر بعد ذلك عن سرور الكرسي الرسولي لمشاركته مع آخرين في توجيه نداء إلى الدول التي يتطلب نفاذ المعاهدة مصادقتها عليها، وأضاف أن أمام هذه الدول فرصة لإظهار الحكمة والريادة الشجاعة والالتزام من أجل سلام وخير الجميع.

وفي سياق حديثه عن أهمية بدء نفاذ معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية أشار أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان إلى التهديدات الحالية التي يتعرض لها السلام بسبب انتشار الأسلحة النووية وتحديث ترسانات هذه الأسلحة لدى بعض الدول، وأضاف أن كليهما يتناقضان مع المبادئ الأساسية لمعاهدة الأمم المتحدة المذكورة، والأهم من هذا أنهما يهددان الأمن الدولي.

وذكّر الكاردينال بارولين في هذا السياق بكلمات قداسة البابا فرنسيس في 10 تشرين الثاني نوفمبر 2017 إلى المشاركين في مؤتمر دولي حول نزع السلاح والتطلع إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية، حيث تحدث قداسته عن سباق التسلح المتواصل وعن تكلفة تحديث وتطوير الأسلحة بشكل عام، والنووية بشكل خاص، التي تشكل نفقات كبيرة بالنسبة للدول، ما يجعل أهم التحديات أمام العائلة البشرية، مثل محاربة الفقر وتعزيز السلام وتطوير مشاريع تربوية وإيكولوجية وصحية وتعزيز حقوق الإنسان، تأتي كلها في المرتبة الثانية.

وأشار الكاردينال بييترو بارولين إلى زيف فكرة الردع النووي، فليس صحيحا أن الأسلحة النووية تضمن الأمن أو السلام، فلا يمكنها أن تقود إلى عالم يتمتع بالاستقرار والأمن، ولا يمكن تحقيق سلام وأمن عالميَّين بالتدمير المتبادل أو التهديد بالقضاء على الآخر، وهي أمور لا يمكن أن يقوم عليها التعايش السلمي أو الأخوّة الأخلاقية حسب ما ذكر البابا فرنسيس في كلمته المذكورة سابقا، والتي حذر فيها من جهة أخرى من التبعات الإنسانية والبيئية الكارثية للأسلحة النووية، وأيضا من خطر استخدام هذه الأسلحة نتيجة خطأ ما.

تحدث أمين السر بعد ذلك عن الإشعاعات الخطيرة الناتجة عن التجارب النووية وتأثيرها على البيئة، وذكَّر مجدَّدا بكلمات البابا فرنسيس، وهذه المرة من الرسالة العامة "كن مسبَّحاً" حول العناية بالخليقة، البيت المشترك، حيث كتب الأب الأقدس: "البيئة هي خير عام، وإرث للبشرية بأسرها وهي مسؤولية الجميع. فمَن يمتلك جزءًا منها فهو فقط لإدارته لصالح الجميع. فإن لم نفعل ذلك، فإننا نحمِّل ضميرنا ثقل التنكر لوجود الآخرين".

وفي ختام مداخلته، كرر أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين تأكيده فشل فكرة سلام محتمَل يقوم على توزان القوى والتهديدات المتبادلة، وتابع أنه وللرد بشكل ملائم على تحديات القرن الحادي والعشرين يجب استبدال منطق الخوف بأخلاقيات المسؤولية، وذلك لتعزيز أجواء ثقة تثمِّن الحوار متعدد الأطراف من خلال التعاون المسؤول بين جميع أعضاء الجماعة الدولية.

وذكّر في هذا السياق بكلمات البابا فرنسيس في حديثه إلى الدبلوماسيين المعتمَدين لدى الكرسي الرسولي خلال اللقاء السنوي لتبادل التهاني بالعام الجديد في 7 كانون الثاني 2019، حيث قال قداسته: "إن المنطلق الأساسي لنجاح الدبلوماسية متعددة الأطراف هو ما يتحلى به المحاورون من صلاح الإرادة وحسن النية، والاستعداد لمواجهة أمينة وجدية، والرغبة في قبول التنازلات الحتمية التي تنشأ عن المواجهة بين الأطراف". ثم شدد الكاردينال بارولين على أن بدء نفاذ معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، في فترة تشهد توترا متزايدا، سيشكل إجراءً أساسيا لبناء الثقة وتعبيرا هاما عن الالتزام بأخلاقيات المسؤولية.