موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٦ مارس / آذار ٢٠١٩
البطريرك ساكو: العلمانيون شركاء فاعلون ومؤثرون في الكنيسة

الكاردينال لويس ساكو :

اكتب هذه الأفكار استعدادا لمشاركة علمانيين من كلا الجنسيين في السينودس الكلداني المقبل وذلك لاغناء النقاش.

الكنيسة هي الجماعة الملتفة حول المسيح بحكم "الكهنوت العام" الذي يشترك فيه الجميع، مرسومين مفوضين للخدمة كالاسقف والكاهن او مؤمنين لهم دعوة ورسالة فيها بحكم معموديتهم وشهادتهم. والكنيسة تؤكد على اختلاف الأدوار تنوع المواهب وتكاملها لبناء الكنيسة وتقدمها وازدهارها. في الكنيسة، كل له مكانه وبحسب كفاءته بعيدًا عن عقلية التسلط والسطوة.

المسيحية لا تؤمن البتة بدونيّة المرأة وثانويّةِ دورها من حيث القيمة الإنسانية والمقدرة. في نظر المسيحية، ايمانيا ولاهوتيا، خلق الله الذكر والأنثى متساويين ليتكاملا ويكونا سعيدين معا. لذا فهما شريكان متكاملان في الخليقة الأولى وفي الخلاص الذي حققه المسيح. وصورة الله تتكامل بهما معًا. هذا حق طبيعي وايماني وليس منّة، نلمس ذلك في دور مريم العذراء ودور النسوة حول يسوع وفي الكنيسة الأولى وله أن يأخذ كل مداه اليوم أيضًا.

على مر القرون، شغل العديد من العلمانيين رجالا ونساء، مناصب مهمة في الكنيسة، ولم يستبعد العلمانيون من مناصب المسؤولية، بالرغم من حصر الكهنوت بالرجال. وقد أصر الباباوات في الزمن المعاصر على ما سُمّي بـ"جاذبية العلمانيين الخاصة" في حياة الكنيسة. قال البابا القديس يوحنا بولس الثاني في الارشاد الرسولي – رجاء جديد للبنان 1997: "أن الكنيسة، في عقيدتها الانتروبولوجية وتعليمها تؤكد المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، وهي مساواة أساسها ان كل كائن بشري مخلوق على صورة الله" (76-77). وبخصوص دور النساء، قال البابا فرنسيس بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يحييه العالم سنويًا في 8 آذار مشيدًا بمساهمتها الفريدة: "المرأة هي التي تجعل العالم جميلا وتحرسه وتحافظ عليه حيًا. هي تحمل إليه النعمة التي تجعل الأشياء جديدة". وهنا أود التنويه بما قامت به الآنسة المكرّسة الحان نهاب (ندعو لها بالشفاء التام)، ورفيقاتها بتأسيس "بيت عنيا" للمتروكات من السيدات الوحدانيات أو المتروكات من دون معين. لذا فإن أردنا أن تتقدم مجتمعاتنا وكنائسنا يتحتّم علينا أن نفسح المجال امام العلمانيين من كلا الجنسين لاستثمار مواهبهم بهدف بناء المجتمع والكنيسة بشكل أفضل.

وفي سبيل إنجاح هذه الشراكة وتعميقها لا بدّ من:

1. العودة إلى المراجع الكتابية وموقف يسوع وتعليمه بهذا الخصوص، وكذلك القديس بولس والكنيسة الأولى لمعرفة المزيد عن دور المؤمنين في الكنيسة. ليس صحيحًا أن القديس بولس مقصيء للنساء misogyny

2. في حياة الكنيسة اليوم، يمكن اسناد مناصب المسؤولية للعلمانيين كما هو الحال في المجتمع المدني. مثلا في مجال الإدارة المالية والتنشئة والاعلام… هذه دعوة من هذه المنبر لأبنائنا وبناتنا الأحبة بأن يفكروا في طرح مزيد من مجالات مشاركة العلمانيين في حياة الكنيسة.

3. توعية العلمانيين بدورهم، وهذا هو الهدف من هذا المقال وغيره من المقالات آخرها مقالة الكاتب نافع توسا، وتنمية قدراتهم وقابلياتهم من خلال تنظيم دورات تدريبية مكثفة لتطويرها واكتساب خبرات جديدة لتحسين مستوى المشاركة.

4. من الثابت ان التعليم وضبط الايمان يبقى للتراتبية الكهنوتية: البابا في الكنيسة الكاثوليكية والأساقفة والكهنة بسبب رسامتهم الكهنوتية ودعوتهم وتفويضهم للخدمة ومؤهلاتهم الثقافية واللاهوتية، ويبقون متحدين في الجسم الكنسي الواحد، والشراكة، كون الكنيسة "أم ومعلمة".

في الكنيسة الكلدانية قمنا ببعض خطوات منها رسامة شماسات قارئات، وفي البطريركية ودوائرها كان للمرأة حصتها المتميّزة: امانة سر البطريركية د. إخلاص عابد جرحيس، الدائرة المالية جنان متي سليمان، ولجنة التعليم المسيحي ليلى يوسف انويا. وكما ان ثمة في الفاتيكان علمانيون احتلوا مناصب مسؤولية رفيعة. وانوّه ان امين سر مجلس كنائس الشرق الأوسط هي أيضا علمانية كاثوليكية د. ثريا بشعلاني.