موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٧ مارس / آذار ٢٠١٩
البطريرك بشارة الراعي: الإيمان بلبنان ’وطنًا نهائيًا لكل أبنائه‘ يتزعزع

بكركي – أبونا :

لفت البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي إلى إن "الإيمان بلبنان ’وطنًا نهائيًا لكلّ أبنائه‘، يتزعزع من جراء ممارسة سياسية ولاؤها لغير لبنان، أكان هذا الولاء لدولة أخرى وكأنها الوطن الأساس، أو لطائفة أو لحزب، ومن جراء خلافات ومواقف تتصلّب على حساب الوطن ومؤسّساته والصّالح العام".

وجاء في عظة قداس الأحد في الصرح البطريركي الماروني: "عندما نقرأ في مقدمة الدستور اللبناني أن "لبنان وطن نهائيّ لكلّ أبنائه"، نعلن إيماننا بلبنان كوطن مطلق، وننفي الولاء لأيّ بلد آخر سواه نجعله في الممارسة بمثابة وطن. هذا الإيمان ’بلبنان وطنًا نهائيًا لكلّ أبنائه‘ هو الذي جعله عبر التاريخ مستقرًا سياسيًا واقتصاديًا، وصاحب علاقة وطيدة مع محيطه العربي والشرق أوسطي، ومصدر عطاء للإنسانيّة تميّز على كل صعيد ولاسيما في حقول التربية والثقافة والطب والهندسة والسياسة والتجارة والصناعة؛ وأهّله ليساهم في تأسيس الجامعة العربية، وفي وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي نشر الحرية والقيم الديمقراطية في هذا الشرق؛ كما جعل منه مساحة ونموذجًا للعيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين على أساس من المشاركة المتساوية والمتوازنة بينهم في الحكم والإدارة، وعنصر استقرار في بيئته المشرقيّة (راجع روجيه ديب: لبنان المستقرّ، ص 18-19)".

وأضاف: "لكنّنا نرى اليوم، وبكل اسف، أنّ هذا الإيمان بلبنان "وطنًا نهائيًّا لكلّ أبنائه"، يتزعزع من جرّاء ممارسة سياسيّة ولاؤها لغير لبنان، أكان هذا الولاء لدولة أخرى وكأنّها الوطن الأساس، أو لطائفة أو لحزب، ومن جرّاء خلافات ومواقف تتصلّب على حساب الوطن ومؤسّساته والصّالح العام. كما أنّه يتزعزع بنتيجة السّعي الدّؤوب إلى الاستفادة من المال العام بطرق غير مشروعة أو إلى تبذيره من دون أيّ إحساس بالضّرر الحال بلبنان الدّولة والوطن والشّعب، أو إلى بيع أراضيه من الغرباء، أو إلى توزيع جنسيّته بسخاء".

وتابع: "والأدهى من كلّ ذلك هو أنّ هذا الإيمان بلبنان يتزعزع عند شبابنا والأجيال الطّالعة بسبب عدم اكتراث المسؤولين السّياسيّين بمستقبلهم، والتّلكوء عن إجراء الإصلاحات في البُنى والقطاعات الكفيلة بالنّهوض الاقتصاديّ ووفرة الانتاج وتوفير فرص عمل، وبسبب قطع الطّرق أمام تحفيز قدراتهم على أرض الوطن".

وخلص البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى القول: إن "الإيمان بلبنان ’وطنًا نهائيًا لكلّ أبنائه‘ هو إيمان، كالإيمان الروحي، ينبع من عمق كيان المواطن المرتبط بكيان الوطن، ويظهر في بناء الوحدة الداخلية بكل الوسائل؛ وهو إيمان يعتقد به المواطن اللبناني اعتقادًا راسخًا أن وجوده مرتبط بمصير وطنه. عندئذٍ يعيش جمال الولاء للوطن، ويضحّي في سبيله، فينعم بغزير جودته".