موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
العالم
نشر الخميس، ٧ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٩
الأخت مريم هيدلاند.. من الإدمان إلى التكريس خدمة لله والانسان

ترجمة: المركز الكاثوليكي - الأردن :

"قد يكون ما تبحث عنه في كل هذه الأشياء الأخرى موجودًا بالرب يسوع المسيح".

اخترقت هذه الكلمات قلبي مثل السيف عندما جلست أمام الكاهن المحب الذي قدّم هذه الرسالة الداعية بقوة.

كنت أعلم أنه محق. لقد استخدم الله هذه الجملة البسيطة ليدينني في أعمق رغباتي وليكشف دعوتي لأصير مكرّسة للرب يسوع المسيح كراهبة. فقد غيّر الحب الأصيل مجرى حياتي، وما زال يفعل ذلك حتى يومنا هذا.

كما هو الحال في كثيرين منا، نشأت في بيئة كاثوليكية وكانت عائلتي تذهب لحضور القداس الإلهي كل يوم أحد من الأسبوع. كانت أمي وأبي من الكاثوليك الملتزمين، وقد تلقيت أنا وأخي الأسرار المقدسة وأمضينا سنواتنا الأولى في نزهات رعوية نتناول القهوة والمعجنات بعد القداس.

لكنني طوال الوقت الذي أمضيته في الكنيسة، لم أقع في حب الله، كما لم أحصل على الإطلاق على مقابلة شخصية مع يسوع المسيح بوصفه الرب الحي الذي يسعى إلينا، ويعرفنا، ويشفينا، ويسعى ليصير واحدًا معنا.

إلا أنني عشقت الرياضة، والمدرسة، وأشياء أخرى التي سرعان ما طغت على أي ارتباط كان لدي بالله أو بفهم لما كنت أراه في الحقيقة.

لقد عانيت أيضًا من صدمة كبيرة في حياتي عندما كنت في الثالثة عشر من عمري، مما حطم حياتي بصورة سرية في حين ما بدا لي أنها حياة "طبيعية".

عندما كنت طالبة في المدرسة الثانوية، تلقيت منحة دراسية كاملة للعب كرة الطائرة في جامعة تقع بالقرب من الساحل الغربي. وقعت على تلك المنحة الدراسية معتقدة أن كل أحلامي باتت على وشك التحقيق، وأنني استطيع في النهاية العيش كما أردت وأن أحقق سعادتي.

كان طموحي للعمل في مجال الرياضة أو أي مهنة أخرى رفيعة المستوى. أخيرًا "حققت ذلك" في العالم. إنما الواقع، رغم ذلك، كان مختلفًا تمامًا.

بينما كانت الرياضة والمدرسة تسيران بشكل جيد، كانت حياتي الشخصية والروحية تنهار بشكل كارثي. لم تكن أمي وأبي قريبين مني للتأكد من أنني حضرت القداس الإلهي، لذا توقفت عن الذهاب للكنيسة بانتظام.

لم يكن لدي أي حافز ليقودني في الخيارات التي لا نهاية لها والتي قدمتها الحياة الجامعية، لذا استمر سير حياتي بالانهيار. لقد ظهر هذا في إدماني وتحطمي بشكل كبير في حياتي.

تسببت لي الحرية المزيفة بمعاناة مريرة مرة بعد مرة، وتساءلت عما إذا كان هناك المزيد من الحياة من هذا العالم الصغير الضحل الذي وجدت نفسي فيه. كنت أبحث عن الحب والكمال. أردت القناعة والسلام. أردت أن أعيش حياة ذات قيمة حقًا.

في وسط كل ذلك، تدخل الله بعمق بحياتي على شكل كاهن محب وعقب صلوات أمي البائسة أيضًا. فقد كان الكاهن الذي أرسله الله إلى حياتي رجلاً مباركًا، وحكيمًا، ومستنيرًا، ومحبًا للرب يسوع المسيح.

لم أكن أعرف على الإطلاق بحضور شخص أحببته بشدة عمل على نشر رحمة الله وقوته بصورة ملموسة بهذا الشكل. أتذكر أنني كنت في الحادية والعشرين من عمري أعاني من الإدمان، كما كنت مكسورة القلب، إلا أنني كنت أرنو إلى تحقيق تميز وعظمة كهذه. كنت أشعر بالعطش للحياة الحقيقية مع الرب يسوع الذي أظهره الكاهن خلال وجوده الفعال.

خلال هذه الفترة بالذات، أعربت والدتي عن خيبة أملها العميقة في الحياة التي كنت أعيشها وتوقفت عن تزويدي بالمال وهددت بالتخلي عني بصورة تامة. وكوني لم أرتدع بسبب قنوطها، فقد واصلت السير على الطريق الذي كنت أتبعه. وعندما أخبرها والدي أخيرًا بعمق حزنه على حياتي، تحطم قلب أمي بالكامل في النهاية.

لدينا في قبو منزلنا تمثال جميل لمريم العذراء. وفي تلك الليلة ركعت أمي أمامها والدموع تنهمر من عينيها. وأودعتني والدتي الحزينة للسيدة العذراء بحيث قدمتني لأم الرب يسوع لأكون ابنتها.

وفي محاولة لتحقيق تذكير نهائي ومستمر لهذا اللقاء، بدأت أمي بالصوم والصلاة منذ ذلك اليوم طالبة أن أصير راهبة. وها أنا ذا.

في العام 1998 التحقت بجمعية سيدة الثالوث الأقدس بعد أن اخترقت كلمات هذا الكاهن المحب لقلبي وسمعت الرب يسوع يدعوني إلى أن أكون عروسة. كانت دموع أمي وصلواتها فعالة في فتح قلبي بما يكفي لسماع صوت الله.

لقد أنقذني الحب الحقيقي والنعمة في ذلك الوقت، كما أنني أعلم أن ذلك لن ينتهي أبدًا! لقد كانت السنوات العشرين الماضية مع الرب يسوع المسيح أكثر سنوات حياتي التي تفوق الوصف. لقد ضحكت، وبكيت، لقد تحطمت، وارتفعت مرة أخرى فيه.

كان الشفاء والتجديد اللذان صنعهما الرب يسوع في حياتي بدءًا من الإدمان والمفاسد، والصدمات ملحوظًا. أنها رحلة مستمرة من الصدق، والأمل، والخلاص. أنني جزيلة الامتنان. الله جميل جدًا إنه لا يتركنا ولا يتخلى عنا أبدًا.

أؤمن بقوة الحب الأصيل. أؤمن برحمة الله التجديدية والشفائية. أعتقد أن أقوى رسالة إنجيلية يتم تقديمها على الإطلاق هو كيف نعيش حياتنا اليومية. حياتك مهمة. إن قصتك تتميز بالأهمية. أنت مهم. أين كشف الله عن حبه لك اليوم؟

(نقلا عن موقع خدمة الأخبار الكاثوليكية)