موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
الاراضي المقدسة
نشر الجمعة، ٧ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٤
الأحد السابع من لوقا

الأب بطرس جنحو - الأردن :

فصلٌ شريف من بشارة القديس لوقا (8: 41-55)

في ذلك الزمان دنا الى يسوعَ انسانٌ اسمَهُ يايرِسَ وهو رئيسٌ للمجمع وخرَّ عند قَدَمَيْ يسوعَ وطلب اليهِ ان يدخَلِ الى بيتهِ * لانَّ لهُ ابنةً وحيدةً لها نحوُ اثنـتيَ عَشَرةَ سنةً قد أشرَفَتَ على الموت . وبينما هو منطلقٌ كان الجموع يزحمونهُ * وانَّ امرأةً بها نزَفَ دمٍ منذ اثنتيَ عَشرَةَ سنةً وكانت قد أنفَقَت معيشتها كلَّها على الاطِبَّاء ولم يسَتطع احدٌ أن يَشفيَها * دنـَت من خلفهِ ومسَّت هُدبَ ثوبه وللوقت وقف نزَفَ دمها * فقال يسوع مَن لمسنيَ . واذ أنكر جميعَهم قال بطِرسَ والذين معهُ يا معلّم انَّ الجموعَ يضايقونَك ويزحمونـَك وتقول مَن لمسَني * فقال يسوع انَّهُ قد لمسني واحدٌ . لاني علِمتُ انَّ قوةً قد خرجت منيّ * فلَّما رأتِ المرأة انهَّا لم تخَفَ جاءت مرتعِدةً وخرَّت لهُ واخبرَت امامَ كل الشعبِ لاَّيةِ علَّةٍ لمستهُ وكيف برِئَت للوقت * فقال لها ثـِقي يا أبنة . ايمانكِ أبرأكِ فاذهبي بسلامٍ * وفيما هو يتكلَّم جاء واحِدٌ من ذوي رئيسِ المجمعِ وقال لهُ إنَّ ابنـَتك قد ماتتَ فلا تُتعِبِ المعلّم * فسمع يسوع فاجابهُ قائلاً لا تخَــَفْ . آمن فقط فتبرأ هي * ولَّما دخل البيتَ لم يدَعْ احدًا يدخل الاَّ بطِرسَ ويعقوب ويوحنَّا وابا الصبيَّة وامَّها * وكان الجميعَ يَبكون ويَلطمون عليها . فقال لهم لا تبكوا . إِنـَّها لم تمُتْ ولكنَّها نائمة * فضحِكوا عليهِ لعِلمِهمِ بأَنـَّها قد ماتت * فأَمسك بيدِها ونادى قائلاً يا صَبيَّة قومي * فرجَعَت روحها وقامت في الحال فأَمَرَ أن تـُعطَى لـِتأكلَ . فدَهِشَ ابواها فاوصاهما أن لا يقولا لاحدٍ ما جرى.

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد. آمين
أيها الأحباء،

أن الصورة الأولى التي يعطيها لنا النص الانجيلي عن يايرس صورة مضيئة بل يبدو أن اسمه يعني «الرب ينير» وقد كان رئيسًا للمجمع، وهو مركز لا يأخذه إلا واحد اكثرهم شهرة ونفوذًا، ويبدو أنه كان رجلاً ميسور الحال إذا قورن بغيره.

كانت هناك أشياء كثيرة في حياة الرجل يمكن أن تجعله مستريحًا وسعيدًا، فهو راض كل الرضا سعيد كل السعادة بأن تكون له ابنة صغيرة حلوة جميلة تملأ بيته سعادة وبهجة ، ولمدة اثني عشر عامًا عاش الرجل سعيدًا بهذه العطية الإلهية، هي عمر الصغيرة الحلوة حتى جاءت اللحظة التي تغير فيها كل شيء!.

اذا الشمعة المضيئة في بيته، ابنته الصغيرة، التي كانت تضيء حياته هي الان مشرفة على الموت. جاء عند قدمي يسوع طالباً منه أن يأتي إلى بيته. كي تشفي ابنته. أليس هو رئيس المجمع اليهودي. وصلته الاخبار ان ابنته قد ماتت. لهذا قالوا لابوها لا تتعب المعلم.

هل تتخيلوا الاحباط واليأس والخوف يا أحبائي الذي شعر به يايرس والدها في تلك اللحظة، فخطر في باله تساؤلات عديدة... لن أرى ابنتي بعد الان؟ هل ابنتي ماتت حقاً. لماذا لم يأت المعلم معي بسرعة؟ لماذا وقف ليتكلم مع تلك المراة هي شفيت وابنتي قد ماتت.

أو بعبارة أخرى إن المسيح وصل متأخرًا بحسب المفهوم البشري، وقد انتهى الأمل والرجاء، واستولت الخيبة على يايرس عندما سمع هذا الكلام.

لذلك الموت والتفكير به عند الانسان هو اقسى واصعب من الموت ذاته، لان الإنسان يرغب بالخلود والحياة على هذه الارض وحتى بعد الموت. الانسان يحب الخلود يحب ان لا يموت.

فلقد توقف المسيح ليعطي قوته ومعونته لنازفة الدم التي انسلت بين الجماهير تنتظر شفاء من لمسة مباركة لمست بها هدب ثوبه، وقد توقف المسيح لمساعدة المرأة المجهولة من الناس والمعروفة له. وهو لا يقصد بذلك إهمال الصبية التي يسعى إلى بيتها، أو التقاعس عن معونتها. لهذا طلب من يايرس شرط واحد لا يتعدى كلمتين قالهما المسيح ليايرس: «آمن فقط» أي اجعل شعار حياتك هو العيش بالإيمان بكل ظروف الحياة لأنه يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود وأنه يجازي الذين يطلبونه» (عب 11 : 6).

وعندما قال المسيح إن الصبية «لم تمت لكنها نائمة» ضحكوا عليه ساخرين منه ولكن هذه السخرية بعد فترة فصيرة، عندما أقام ابنة يايرس أمام الجميع. حقاً عندما جاء المسيح صار الموت رقاد وهو النوم الطويل. المسيحي المؤمن يؤمن ان السيد المسيح اعطى مفهوما جديدا عن الموت وعن الحياة بعد الموت. لذلك نحن المسيحيين ننظر الى الموت برجاء فهو ليس نهاية . يوجد رجاء لان يسوع رئيس الحياة.

حوَل اليأس والاحباط الى قوة وفرح وانتصار، يسوع يا احبائي ليس فقط هو الشافي انه المحيي، إنه رب الحياة إنه الحياة. هو قال "أنا حي فأنتم ستحيون" (يوحنا 14- 19).

نتعلم من ذلك، كيف نواجه احتياجات الناس وآلامهم ومتاعبهم ومآسيهم وأحزانهم، الجميع في حاجة إلى الخلاص، وإلى المخلص، ولا يجوز بحال من الأحوال، أن يتركوا دون مساعدة أو معونة.

إذاً نحن قوم نؤمن ان الموت هو انتقال وبداية لحياة ابدية سعيدة ومجيدة ،وليس نهاية وهلاك . نحن قوم نؤمن اننا انتقلنا جميعا من الموت الى الحياة. ما نشعر به تجاه الموت ينبغي أن يكون استعداداً لا خوفاً.

إنه من الطبيعي للإنسان أن يطلب الفرح في حياته. أن يعطش للفرح كعطشه للماء . في طبيعتنا البشرية نطلب الفرح لأن الله أحب فرح العالم.

أحبائي نحن في حاجة لأن نكون قرب المسيح معطي الفرح السرمدي للبشر. وبالتالي الموت هو عبور الى الحياة الأبدية. فسيروا في هذه الحياة ما دام لكم النور واستنيروا كما استنار يايرس الذي تفسيره المستنير اذ استنار بيسوع المسيح. آمين