موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
الاراضي المقدسة
نشر الجمعة، ١٧ يوليو / تموز ٢٠١٥
الأحد السابع بعد العنصرة

الأب بطرس ميشيل جنحو - الأردن :

فصل شريف من بشارة القديس متَّى (9: 27–35)

في ذَلِكَ الزَّمان فيما يَسوعُ مُجتازٌ تَبِعَهُ أَعمَيانِ يَصيحانِ وَيَقولان إِرحَمنا يا ٱبنَ داوُد * فَلَمّا دَخَلَ البَيتَ دَنا إِلَيهِ الأَعمَيانِ فَقالَ لَهُما يَسوع هَل تُؤمِنانِ أَنّي أَقدِرُ أَن أَفعَلَ ذَلِك. فقالا لَهُ نَعَم يا رب * حينَئِذٍ لَمَسَ أَعيُنَهُما قائِلاً كَإيمانِكُما فَليَكُن لَكُما. فَٱنفَتَحَت أَعيُنُهُما. فَانَتهرهُما يَسوعُ قائِلاً انظرا لا يَعلَمَ أَحدٌ * فلما خَرَجا شَهَراهُ في تِلكَ ٱلأَرضِ كُلِّها* وَبَعدَ خُروجِهِما قَدَّموا إِلَيهِ أَخرَسَ بِهِ شَيطانٌ * فَلَمّا أُخرجَ ٱلشَّيطانُ تَكَلَّمَ ٱلأَخرَسَ. فَتَعَجَّبَ ٱلجُموعُ قائِلين لَم يَظهَر قَطُّ مِثلُ هَذا في إِسرائيل* أَمّا ٱلفَرّيسِيّونَ فقالوا إِنَّهُ بِرَئيسِ ٱلشَّياطينِ يُخرِجُ ٱلشَّياطين * وَكانَ يَسوعُ يَطوفُ ٱلمُدُنِ كلها وَٱلقُرى يُعَلِّمُ في مَجامِعِهِم وَيَكرِزُ بِبِشارَةِ ٱلمَلَكوتِ وَيَشفي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعفٍ في ٱلشَّعب.

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

أيها الأحباء، فيما كان الرب يسوع المسيح مجتازا من بيت الرئيس يايروس الى بيت آخر تبعه اعميان يصرخان "ارحمنا يا ابن داود". لقد انتشر خبر اقامة ابنة يايروس بكل المنطقة كما يخبر بذلك البشير متى نفسه في الأصحاح التاسع.

أن الاعميين قد سمعا بهذه الاعجوبة فركضوا وراء يسوع المسيح مستمدّين رحمته بصوت عظيم على امل انهما يحصلان على نور عينيهما كما حصلت بنت يايروس على الحياة بعد الموت.

وبكلمة واحدة من يسوع لهما: "كإيمانكما فليكن لكما"، طلبا الرحمة من إله الرحمة والتحنَّن، فانفتحت أعينهما. فالربّ يسوع هو الذي قال لنا: أطلبوا تجدوا، إقرعوا يُفتح لكم" وهذان آمنا بالرب فكان لهما النور، من يسوع المسيح، لأنه وحده ينبوع النور، كما هو ينبوع الحياة. أو ليس هو القائل "من يتبعني لا يمشي في الظلام، بل يكون له نور الحياة".

وقد سمّيا يسوع المسيح ابن داود عن ورع واحترام ليس فقط لأن الجميع كانوا يكرمون داود ويحترمونه كملك قديس ونبي الله. بل لان الاسرائيليين عموما كانوا يؤمنون أن المسيح بحسب سابق أقوال الأنبياء القديسين كان مزمعا أن يولد من نسل داود.

لقد انفتحت أعينهما فانتهرهما يسوع قائلًا انظرا لا يعلم أحد. ولكنهما خرجا وأشاعاه في تلك الأرض كلها. وفيما هما خارجان إذا إنسان اخرس مجنون قدموه إليه. فلما اخرج الشيطان تكلم الأخرس فتعجب الجموع قائلين لم يظهر قط مثل هذا في إسرائيل. أما الفريسيون فقالوا برئيس الشياطين يخرج الشياطين. سمعنا عن الخليقة الجديدة وهنا نسمع عن سمات الخليقة الجديدة.

هل رأيتم أيُّها الإخوة الأحباء كيف آمن الأعميان بالمسيح وتبعوه؟ هكذا يجب علينا أن نؤمن به ونعمل بحسب وصاياه. إذ أنَّ حياتنا تنقضي وساعة مغادرتنا هذا العالم الفاني تقترب ولذلك فلنجهِّز أنفسنا بالأعمال الصالحة ونحن على هذه الأرض. لأنَّه هناك (أي في الحياة الثانية) لا توجد توبةٌ ولا خلاصٌ إن لم نكن قد كسبناه هنا (أي في هذه الحياة). لأنَّ الله يقبل منَّا هنا دموعاً وتوبةً أيضاً حينما تكون نابعتان من قلبٍ نقيٍّ ومتخشِّع ويخلِّصنا.

هذا هو الأوان أيُّها الإخوة لكي نتعب ونكدَّ في زراعة الفضائل هنا بحسب قدرتنا لكي نحصد هناك راحةً لنفوسنا. لأنَّه من لم يظهر رحمةً وتواضعاً ومحبَّةً فلن يرى ملكوت السماوات. ولكن علينا أن نعلم بأنَّ الّذي يعترف بخطاياه أمام أبيه الروحي ولا يكفُّ عن عملها فإنَّ خطاياه المعيبة ستظهر في يوم دينونة الله العادلة أمام العالم كلِّه وأمام جميع الملائكة.

إن أبواب المسيح مفتوحة للتائبي والطالبين على الدوام بإيمان. فكما آمن هذان الأعميان بالرب وطلبا منه بإلحاح، هو لبَّى طلبهما بسبب اعترافهما به، وبقدرته، وهكذا شأننا جميعاً علينا أن نؤمن أولاً، ثم نطلب ثانياً والربُّ يجيبنا، ويلبِّي كل طلباتنا، لأن الإيمان هو أعظم شرط للحصول على نعم المسيح، وعلى الذين يريدون أن ينالوا رحمته أن يؤمنوا إيماناً وطيداً بقدرته، ولنكن واثقين تماماً بأنّه يقدر أن يفعل ما نريده منه.

أحبائي لنسمو ونحيا في السماويات، لنشترك في الحياة الأبدية. ومن يتذوق العيش في كلمة الله ومفعولها في داخلنا لا بد له من طريق يختاره بعناية ووضوح تام. الرؤية واضحة وليس هناك من غمام أمامك.

أخي المؤمن، أختي المؤمنة؛ لنتخذ يسوع كمثال لنا في حياتنا لقد كان يطوف المدن كلها والقرى يعلم في مجامعها ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كل مرضٍ وكل ضعفٍ في الشعب. وما علينا نحن أبناء البشر إلا أن ننير ذهننا بكلمة الرب المحيية ونعيشها بكل جوارحنا لنسلك سلوكاً لائقاً في مسيرة حياتنا الأرضية.