موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
الاراضي المقدسة
نشر الخميس، ٢٠ أغسطس / آب ٢٠١٥
الأحد الثاني عشر بعد العنصرة

الأب بطرس ميشيل جنحو - الأردن :

فصل شريف من بشارة القديس متَّى (19: 16-26)

في ذَلِكَ ٱلزَّمان، دَنا إِلى يَسوعَ شابٌّ وَجَثا لهُ قائلاً أَيُّها ٱلمُعَلِّمُ ٱلصّالِحُ، ماذا أَعمَلُ مِن ٱلصَّلاحِ لِتَكونَ لي ٱلحَياةُ ٱلأَبَدِيَّة * فَقالَ لَهُ لِماذا تَدعوني صالِحًا؟ وما صالِحٌ إِلاّ واحِدٌ هُوَ ٱلله. وَلَكِن إِن كُنتَ تُريدُ أَن تَدخُلَ ٱلحَياةَ فَٱحفَظِ ٱلوَصايا * فقالَ لَهُ ايةَ وصايا. قال يسوع لا تَقتُل. لا تَزنِ. لا تَسرِق. لا تَشهَد بِٱلزّورِ * أَكرِم أَباكَ وَأُمَّكَ. أَحبِب قَريبَكَ كَنَفسِك * قالَ لَهُ ٱلشّاب كلُّ هذ كُلُّها قَد حَفِظتُها مُنذُ صِبائي فَماذا يَنقُصُني بَعدُ * قالَ لَهُ يَسوع إِن كُنتَ تُريدُ أَن تَكونَ كامِلاً فَٱذهَب وَبِع كلَّ شيء لَكَ وَأَعطِهِ لِلمَساكين. فَيَكونَ لَكَ كَنـزٌ في ٱلسَّماء وَتَعالَ ٱتبَعني * فَلَمّا سَمِعَ ٱلشّابُّ هَذا ٱلكَلامَ مَضى حَزينًا لإِنَّهُ كانَ ذا مالٍ كَثير* فَقالَ يَسوعُ لِتَلاميذِهِ أَلحَقَّ أَقولُ لَكُم إِنَّهُ يَعسُرُ عَلى الغَنِيٍّ َدخُولَ مَلَكوتَ ٱلسَّماوات * وايضًا أَقولُ لَكُم أَن مُرورَ الجملِ مِن ثَقبِ الإِبرَةٍ لأَسهَلُ من دخُولَ غَنِيٌّ مَلَكوتَ ٱلسَّماوات * فَلَمّا سَمِعَ تَلاميذُه بُهِتوا جِدًّا وَقالوا مَن يَستَطيعُ إِذَن أَن يَخلُص * فنظر يَسوعُ إِلَيهِم وَقالَ لَهُم امَّا عِندَ ٱلنّاس فلا يُستَطاع هذا وَأَمّا عِندَ ٱللهِ فَكُلُّ شَيءٍ مُستَطاع.

1. التأمل الإنجيلي

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد آمين.

أيها الأحباء أن موضوع الفقرة الإنجيلية والمخصصة لهذا الأحد ندور حول الوصايا. جاء الشاب إلى المخلص قائلاً ماذا أعمل من الصلاح لكي أحصل على الحياة الأبدية؟

أيها المعلم الصالح.. لماذا تدعوني صالحًا.. ليس صالح إلاّ واحد وهو الله. المسيح لم يقل له لا تدعوني صالحًا، والمسيح قال عن نفسه، أنا هو الراعي الصالح (يوحنا 11:10). ولكن المسيح أراد ألاّ يكلمه الشاب بلا فهم كما اعتادوا أن يكلموا معلمي اليهود، إذ يطلقون عليهم ألقاب لا تطلق إلاّ على الله وحده. والمسيح لا يعطي اهتماماً بالألقاب التي تقال باللسان، بل هو يطلب إيمان هذا الشاب بأنه هو الله، وأنه هو الصالح وحده "من منكم يبكتني على خطية (يوحنا 46:8). والمسيح كان يقود الشاب خطوة خطوة. وكانت الخطوة الأولى أن يقوده للإيمان به. ومع ذلك يجيب المعلم عن سؤال الشاب له ماذا أعمل؟

احفظ الوصايا. بدون الإيمان لا يمكن فعلًا حفظ وصايا الناموس وبالتالي لا يمكن له أن يرث الحياة الأبدية. تأملوا أحبتي كم كان يحفظ ذلك الشاب من الوصايا التي لا يحفظ بعض المسيحيين بعضها الا بالجهد. ولم يكتف بذلك لكنه سأل ماذا ينقصني وهذه علامة شوقه الى الحياة الابدية.

ففي قوله له: "بع كل شيء" عرفه بالوصايا التي تؤدي الى طريق الكمال ثم عرفه بمكافأة الانتصار فقال "فيكون لك كنز" وهذا جزاء الغلبة. وقد سماه كنزاً ولم يقل الحياة لأن الكلام كان عن المقتنى. ليس المهم فقط أن تحفظ الوصايا على ظاهرها: لا تقتل، لا تسرق. القلب هو الذي ينشئ فيك الطاعة إذ يمكن إلا تسرق ويبقى قلبك سجين المال. يمكن إلا تزني فعلياً والشهوة فيك. المطلوب أن يكون قلبك ممتلئاً من الله. ففي هذه العبارة "بع كل شيء لك وأعطه للمساكين"... وتعال اتبعني دلالة واضحة على أن الذي يصبح غنياً ويكون عنده اهتمام زائد وبتعب كثير يجمع الفضة والذهب ويلقي رجاءه على الماديات والفانيات، لا يهتم بالجوهر.

ولكن في مسيرة حياتنا يجب أن نرى الأشياء بمنظار آخر فالغني يمكنه أن يعطي الفقراء والمحتاجين من ثروته دون خوف من المستقبل، فالله يدبر المستقبل، ولا يخاف مثلًا أن تضيع ثروته، فالله هو ضمان المستقبل، وليس الثروة. والسيد في إجابته لم يقل أن الأغنياء لن يدخلوا إلى ملكوت السموات بل سيدخلوا إن هم قبلوا الدخول من الباب الضيق. مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله.

كلمة أخيرة واضح أن هذا الشاب كان يبحث عن طريق الكمال، لقد حفظ وصايا الناموس فماذا بعد؟ ماذا يعوزني بعد (مت 20:19) إذًا هو يطلب الكمال الذي فوق الناموس، ولا كمال فوق الناموس سوى المسيح الذي قال جئت لأكمل. وها نحن أبناء هذا الدهر نقول للرب كما قال بطرس الرسول "ها نحن تركنا كل شي وتبعناك". فالمسيح حررنا من عبودية المال ولكن تبقى نفس الإنسان متعلقة بحب المال. ولكن؟ تأتي ساعة ويذهب كل ذلك بسرعة فائقة. نحن ننشد الكمال الروحي وهذا لا يأتي إلا أذا أتضعت النفس وتركت جميع الإغراءات المادية لتلتمس الفرح السماوي والذي نشترك فيه في مسيرة حياتنا الأبدية والتي تبدء من هذا العالم.

2. عيد رقاد والدة الإله

الجمعة 28 أب 2015 (15 أب شرقي)

يرتبط معنى عيد رقاد والدة الإله بما يقوله المزمور ويؤكد عليه آباء الكنيسة: "جعلت الملكة عن يمينك بذهب اوفير" (مز9:45)، وفيه نحتفل بحدثين أولهما: موت ودفن العذراء، والثاني: انتقال جسدها للسماء. ويسيطر هذان الحدثان على تسبيح وصلوات العيد.

تكرم الكنيسة الأرثوذكسية في العالم بشكل خاص والدة الإله وهذا التكريم يعود أصوله أو جذوره لفترة الرسل من تاريخ الكنيسة وشهدوا بذلك من خلال الأناجيل المقدسة ومنهم الإنجيلي لوقا: "فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تُطوّبُني" (لو48:1)، ويعتبر هذا التطويب شهادة على تكريم شخص والدة الإله من العصر الرسولي.

بسبب تكريم شخص والدة الإله ظهرت أعياد كثيرة ومختلفة، متعلقة بها: مولد والدة الإله، دخولها للهيكل، البشارة، الرقاد. أما عيد الرقاد فقد بدأ التعييد به منذ القرن الخامس أما الذي حدد يوم 15 آب للعيد هو الإمبراطور مافريكو نهاية القرن السادس.

ذُكر العيد لأول مرة في كلمة لكاتب مجهول حول إنجيل يوحنا والذي كُتب بين بداية ونهاية القرن الخامس، أي (400–500م). ويحتوي النص على الأفكار اللاهوتية للكنيسة حول والدة الإله بحسب التقليد، وبالإضافة لهذا النص يوجد نصوص أخرى تتحدث عن العيد وأهمها النص المنحول ليوحنا حيث يشكل المصدر الأساسي لتراتيل العيد وللأحداث التي تدور في أيقونة الرقاد.

كرم الكنيسة عيد رقاد السيدة، أي الموت الطبيعي، وتسمّيه انتقال العذراء إلى السموات. وهو موضوع كان مجال كبير للنقاش والحوار ولكنه منطقي لسببين: الأول : وهو العلاقة الطبيعية بين والدة الإله وابنها الإله المتجسد.

ثانياً: قيامة يسوع المسيح، لذلك وبحسب الكتب المنحولة عن الرقاد فقد خرج من جسد العذراء وحتى من قبرها في الجسمانية رائحة طيب زكي، ولثلاثة أيام بعد رقادها، وذلك قبل انتقالها بالجسد إلى السموات، سمّت الكنيسة هذا الانتقال بقيامة والدة الإله ومنها كل البشرية.

أصبح المسيح بقيامته من بين الأموات ووفق القديس بولس الرسول: “بكرٌ من الأموات” (كولوسي18:1)، في حين ستكون قيامة البشرية في المجيء الثاني، عندما سيظهر المسيح ثانية، أما موت وانتقال والدة الإله إلى السموات بحسب مجريات الأحداث عند انتقالها: أي حضور المسيح والملائكة والرسل القديسين، بمعنى آخر الكنيسة، ليس إلا صورة عن يوم الدينونة.

3. الطروباريات والقنداق المختصين بالأحد الثاني عشر

طروبارية القيامة على اللحن الثالث
لتفرح السماويات وتبتهج الأرضيات، لأن الرب صنع عزّاً بساعده ووطئ الموت بالموت وصار بكر الأموات، وأنقذنا من جوف الجحيم ومنح العالم الرحمة العظمى.

طروبارية عيد تجلي ربنا يسوع المسيح (على اللحن السابع)
لما تجلّيت أيّها المسيح الإله على الجبل، أظهرت مجدَكَ للتلاميذ حسبما استطاعوا، فأَشرق لنا، نحن الخطأة، نورَكَ الأزليّ. بشفاعات والدة الإله، يا مانحَ النور، المجدُ لك.

طروبارية الكنيسة
(الطروبارية الخاصة بكل كنيسة حسب تسميتها)

قنداق التجلي (على اللحن السابع)
لما تجليت، أيها المسيحُ الإلهُ في الجبل، وحسبما وسعَ تلاميذُك شاهدوا مجدَك، حتى عندما يُعاينوكَ مصلوباً يدركوا أنَّ آلامَك طوعاً باختيارِك، ويبشروا للعالمِ أنَّكَ أنتَ بالحقيقةِ شعاعُ الآب.