موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الأربعاء، ١ مايو / أيار ٢٠١٩
الأب ألبير هشام نعّوم يكتب: كيف نفهم قيامة المسيح؟

الأب ألبير هشام نعّوم – بغداد :

ليست قيامة المسيح نظرية نعتقدُ بها أو فكرة نؤمن بوجودها، بل "خبرة حياة" عاشها المؤمنون عبر الأجيال، ونحن مدعوون اليوم لنعيشها معهم. لقد جاء المسيح إلى عالمنا وهو يحمل دعوة، وهي أن ينشر ملكوت الله بين الناس بالمحبة، فينعم الجميع بالخير والسعادة. وعاش يسوع هذه الدعوة في حياته من خلال كلماته وأفعاله ومواقفه، كما تحكي لنا صفحاتُ الانجيل. وظلّ متمسكًا بدعوته هذه حتى أنّه ضحّى بنفسه حتى الموت في سبيلها، ليبين أن دعوة الإنسان ورسالته في هذه الحياة هما أقوى من الموت.

وهذا ما اكتشفه كل الذين اتّبعوا يسوع عن قرب خلال حياته: اكتشفوا بعد مماته أنه من غير الممكن أن يقضي الموت على تلك المحبة التي أحبّ بها يسوع البشر، ولا يمكن أن ينتهي شخص يسوع بالموت، فرجعوا وتذكروا كلامه، وآمنوا أنه حي وسيبقى حيًا إلى الأبد. لابدّ لله الآب أن يقيم المسيح من الموت، أي أن يقيم حياته وكلامه وأمثاله ومعجزاته ومواقفه، لتبقى حيةً في نفوس تلاميذه الذين سيجعلون الكنيسة مكانًا تعيش فيه الجماعة بروحٍ واحد.

كل إنسان منّا هو مدعو، فالمسيح يدعونا لنعيش من أجل هدفٍ سامٍ تكتسب حياتنا معنىً في تحقيقه، فنعيش هذا الهدف في كلامنا وأفعالنا ومواقفنا ونكون مستعدّين للموت من أجله. وعندها تصبح حياتنا نورًا لطريق الآخرين، فنعمل على رفع البشرية و"قيامتها" من حالٍ إلى أفضل. ولن تنتهي حياتنا هكذا بالموت، بل "تقوم" لتبقى حيةً في نفوس كل من عاشها ويعيشها. كما أن حياة المسيح لا ولن تزال حيةً في الكنيسة: ستبقى كلماته فعّالة في نفوس البشر، ومحبته قابلة لأن تُعاش وأن تغيّر الإنسان... الخ.

لذلك فإن القيامة تعني أن نقوم من سقطاتنا: أي أن نقبل ضعف طبيعتنا البشرية ومحدودية إمكانياتنا، وألاّ نيأس أو نحبط عندما تأتينا الصعوبات والمشاكل، بل أن نجعل منها وسيلة تقوي تمسكنا بدعوتنا وبمن دعانا...! إذ ليست ظروف الحياة هي المقياس لحياتنا، وإنما التزامنا بدعوتنا رغم كل الظروف الصعبة هو الذي يعطي لحياتنا معنىً.

وبناءً على كل ذلك، لابدّ أن نتّسم بـالإيجابيّة وأن نخرج من كل سلبية لأنها توقفنا عن تحقيق دعوتنا. إذا كان المسيح قد أنتصر حتى على الموت فلا مجال لأي سلبية في حياتنا، بل أن ننظر إلى الحياة بعين الله الجميلة، فنحب الجميع وندعوهم إلى الإخوّة والمحبة والسلام. وبذلك نساهم في "قيامة" حياتنا وحياة الآخرين والعالم كله.