موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٢ يوليو / تموز ٢٠١٩

زيارة مريم لأليصابات

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن

بَعْدَ سَماعِ الخَبَرِ مِنْ فَمِ الملاكِ جبريل أليصاباتُ العاقِرُ تَنْتًظِرُ مولوداً جليل أسْرَعَتْ مريمُ لِتَهْنِأةِ أليصاباتِ قريبتها زَوْجَةِ زخريّا فِيْ عَيْنِ كارِمَ اسْمُ قريتها زكريا كانَ مُصاباً بالْخَرَسِ عَنْ قِلَّةِ إيمانه يَنْطُرُ تَحْقيقَ حُلْمِ مِيلادِ ابْنِهِ لِيُعْلِنْهُ بلسانه مريمُ ما كانَتْ خائقة حَتّى وإِنْ كانَتْ سريعة تَحْمِلُ ابنَ الله في قلبِها فَهْوَ مَعْها في الطليعة قالوا حيثما كانَ جَفافٌ وشوكٌ على حافَّةِ الطريق أزْهَرَتْ الورودُ بِأَشْكالِها وسالَ في جَوْفِها رحيق جُنْدُ جِبريلَ تُرَفْرِفُ فَوقَها لِلْحمايَةِ والحراسة يُرافِقُوها غَيْرُ منظورينَ فهذا بُرْهانُ القداسة وَضيعَةً مُطيعَةً لإرادَةِ الله لا يَغيبُ عَنْ بالها أَنَّها أَعْلَنَتِ التَّخَلّي عَنْ إِرادَتِها تقديرا لحالها الصَّلاةُ حَلَّتْ مَكانَ التَّذَمُّرِ عَنْ وُعورَةِ الطريق فَما وَعَتْ إلا وَهْيَ بِإِرْشادٍ أمامَ بَيْتٍ بابُهُ عتيق يا بيتُ يا مَسْكِناً أرْضِيّاً لَكِنَّهُ يُذكِّرُنا بالسماء فَسُكّانُهُ مُنْشَغلونَ بالعِبادَةِ بِكُلِّ إيمانٍ ورجاء رَفَعَتِ الطَّرْفَ وإذا بأليصاباتِ فاتِحَةَ الذراعين تَحْني الرَّأْسَ احْتِراماً للسَّلامِ بل مغمضة الجفنين أليصاباتُ كانَتْ تَحْمِلُ ابْناً موعوداً في أحشاها كَأُمِّهِ شَعَرَ بِزِيارَةِ نَبِيِّ الأنبيا ابْنِ يهواهُ ويهواها بِسُرْعَةِ البَرْقِ مَدَّ يَداً خَفِيَّةً صافَحَ الضَّيْفَ باحترام شَعَرَتْ بِهِ أليصاباتُ باهْتِزازِ الجَنينِ فيها بِلا كلام يا لَهُ مِنْ مَوْقِفٍ يَبْعَثُ على التَّفْكيرِ إِذِ المُسِنَّةُ منهما لا تَفْهَمُ كَيْفَ لَمْ تَبْقَ عاقِراً وَلِمَ الله بابْنٍ عليها أنعما يا للدَّهَشَةِ مريمُ كانَتْ عَرَفَتْ أَنَّ أليصاباتَ أُمّاً ستكون وأَمّا أليصاباتُ فما عَرَفَتْ أنَّ مريمَ أمُّ ابنِ الله الحنون تعانقتا بِحُبٍّ وحنانٍ فَهُما مِنْ زمانٍ ما كانتا تقابلتا وبإِلْهامٍ صَرَخَتْ أليصاباتُ عِندما يداهما تشابكتا مَنْ أنا حَتّى تَزورَنَي أمُّ ربّي الّذي تَحْمِلُهُ في أحشاها يا لهُا مِنْ نعمةٍ حبانا بهِا الخالِقُ فما عادَ أَحَدٌ يخشاها يا مريمُ يا ابْنَةَ أخي واكِيمَ هيّا ادْخُلي وادْخِلِي الْهَنا في بَيْتِنا حَيْثُ سَيَلِدُ ابْني قَبْلَ أنْ تَتْرُكينا وابنُكِ هنا فَرَفَعَتْ مريمُ الجَفْنَ إلى السّما وَصَلَّتْ لِرَبِّ العُلى تُعَظِّمُهُ نَفْسي مِنْ تَعْظيمِ شَأْني أمامَ شَعْبي والمَلا ما أنا إلّا أَمَةٌ لَهُ قَبِلْتُ أنْ أكونَ أُمّاً لابْنِهِ الموعود ما طَلَبْتُ المديح لَكِنَّ حُبَّ الشَّعْبِ لنا غيرُ محدود هُوَ العَلِيُّ القَوِيُّ الْقَديرُ يُنْزِلُ المُتَكَبِّرينَ عَنِ الكراسي وَيَرْفَعُ المُتَواضِعينَ أَمامَهُ ويَغْمُرُهُمْ بِحُبِّهِ مِنَ الأساسِ أقامَتْ مريمُ ثلاثةَ شُهورٍ عندَ أليصاباتِ حَتّى وَلَدَتْ ابْناً أَسْماهُ زكرِيّا يُوحنّا فَانْحَلَّتْ عُقْدَةُ لِسانِهِ وشفتْ الإسْمُ يوحنا يَعْني الله رحيمٌ وَهْوَ كَذلِكَ لا يَحْقِدُ علينا بَلْ يَجِدُ مَنْفذاً لِيَرًدَّنا إلى الصَّوابِ فَهْوَ لا يَكيلُ بكيلنا يا يوحنّا آخِرَ أنبياءِ العَهْدِ القديمِ وَأوَّلَهُمْ في الجديد أنتَ سَبَقْتَ المسيحَ عُمْراً لِتَفْتَحَ لهُ قَلْبَ شَعْبِهِ العنيد خِطاباتُكَ ومِثالُكَ ما كانَ لهُما شَبيهٌ عِنْدَ الفريسيين حتّى افْتَكروكَ أَنَّكَ النَّبِيُّ المُنْتَظَرُ حَوْلَكَ الكروبين أَنْتَ أبْعَدتَّ الشُّبْهَةَ قُلْتَ ما أنا أَهْلٌ لِحَلِّ سَيْرِ حذائه مريمُ أُمُّهُ زارَتْني قَبْلَ مَولدي وعَلَّمَتْني جُلَّ آرائه فيا مريمُ يا نَقِيَّةً ما لها بينَ الخلائِقِ أجْمَعينَ مِنْ مثيل اشْفَعي بِنا عِنْدَ ابْنِكِ لِتَبْقى نُفوسُنا نَقِيَّةً بِفَضْلِهِ الجليل (تم نظم القصيدة يوم الإثنين 09|07|2019، تذاع الجمعة 12.07.2019 من راديو مريم الساعة 11,45 قبل الظهر)