موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٢ ابريل / نيسان ٢٠١٨

المعلم بين المدارس الحكومية والخاصة

بقلم :
الأب عماد الطوال - الأردن

لقد ناضلت المدارس الخاصة طوال عقود من أجل تحسين جودة التعليم في الأردن، فلم تكتفي بتقديم خدماتها التعليمية لحوالي ربع مجموع الطلاب في الأردن، بل وتميزت في تربية طلابها على القيم الأخلاقية أولاً لتثري المجتمع بخريجيها فيما بعد. وعلى الرغم من وجود تشابه في الرسالة التربوية والتعليمية بين المدارس التي تعمل تحت مظلة وزارة التربية والتعليم في كل من القطاعين العام والخاص إلا أن هناك عدة عوامل تؤثر على التجربة التعليمية وتستحق أن ننظر فيها، فغالباً ما تواجه المدارس الخاصة عدداً من الصراعات حيث تضع وزارة التربية والتعليم ضغوطاً غير مبررة على المدارس الخاصة للأسف وكأنها غير تابعة لها. يمكن تلخيص هذا الاختلاف جزئياً بحقيقة أن معلمي المدارس الحكومية هم أكثر احتمالية للحصول على الدعم والتدريب المستمر في مجالهم، في حين نادراً ما يتم تلقي معلمي المدارس الخاصة لمثل هذا التدريب، أو يكون مشروطاً بدفع الرسوم والاشتراكات. لقد وجدنا أنه بمجرد أن نتحدث عن المدارس الخاصة نجد أن المدارس الحكومية تتمتع بمزايا أكبر، فنجد أن بعض الامتيازات كالتأمين الصحي، صندوق إسكان المعلمين ومكرمة أبناء المعلمين في تأمين المقعد الجامعي، تقتصر على المعلمين والمدراء في المدارس الحكومية دون سواهم من معلمي المدارس الخاصة، أضف إلى ذلك تدني الرواتب في المدارس الخاصة -غير الربحية- على عكس معلمي المدارس المدعومة من قبل الوزارة، لذلك نلاحظ أن الوظائف الحكومية مرغوبة إلى حد كبير، فكيف يمكن لمعلم المدارس الخاصة أن يشعر بالأمان الوظيفي مقارنة مع زميلة في المدارس الحكومية. ودعونا نتساءل عن التحفيز من قبل وزارة التربية والتعليم للمدارس الخاصة، باعتبار أنها تتحمل العبء الأكبر باستيعاب عدد كبير من للطلاب، أين معلمي هذه المدارس من حقهم في الإشراف التربوي؟ ولماذا تشترط جائزة المعلم المتميز كما هي جائزة المدير المتميز أن يكون المعلّم أو المدير في مدرسة حكوميّة، ألا تتبع المدارس الخاصة لنفس الوزارة؟ ألم يكن من الأنسب إذاً تغيير المسمى إلى جائزة المعلم أو المدير المتميز في المدارس الحكومية حتى يعي الجميع أنها تقتصر على معلمي ومدراء المدارس الحكومية؟ لكن لماذا هذا التمييز؟ هل يتمتع معلمو المدارس الحكومية بمؤهلات أفضل؟ هل المدارس الخاصة أقل حظاً؟ وهل يدرك أصحاب القرار تداعيات هذا التمييز بين المدارس الحكومية والخاصة؟ عند ذكر المدارس الخاصة غالباً ما يتم الإشارة إلى ارتفاع الرسوم وإلى ضرورة تخفيضها مع أن واقع الحال يقول أن هذه المدارس ليست جميعها مؤسسات ربحية، فإذا كانت الحكومة تريد بالفعل من المدارس الخاصة أن تخفض الرسوم، فعليها أن تقدم الدعم اللازم لذلك كأن تخفض تكلفة الكهرباء بالنسبة لها، تقدم الإعانات والإعفاءات الضريبية، وما إلى ذلك، فإن لم تستطع المساعدة في خفض تكاليفها، فعلى الأقل تكتفي بأن لا تعرقل مسيرتها! الغرض من هذا الطرح هو تقديم بعض الأفكار حول هذه الأسئلة وما يتصل بها من أسئلة حول التباين بين المدارس الحكومية والخاصة، والهدف المقصود هو إغلاق فجوة الفرص وتقليل الفصل بين المدارس العامة والخاصة. وحيث أن التعليم رسالة تربوية وتعليمية والهدف من هذه الرسالة هو إعداد الجيل القادم، وإذا كانت المدارس الخاصة تقوم بهذه الرسالة على أكمل وجه، وبكل ما هو مطلوب منها، فلماذا تتجاهل الوزارة هذا الدور، ولماذا لا تحقق المساواة بينها وبين المدارس الحكومية، نحن نعتبر أن هذه الفجوة تقوض حتى الآن إسهام المدارس الخاصة في قطاع التعليم، وهو وضع يهدد وجود هذه المدارس واستدامتها، أعتقد ببساطة أن وزارة التربية والتعليم تحتاج إلى نظرة شمولية لتقليص الهوة ومراعاة العدل بين المدارس الحكومية والخاصة، ووضع معايير لقياس وتقييم جودة أداء المدارس في القطاعين العام والخاص على قائمة أولوياتها، فحق الإبداع للجميع، وكلنا أبناء وطن واحد وتحت مظلة دستور واحد، متساوون في الحقوق والواجبات.