موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٦ يناير / كانون الثاني ٢٠١٨

الحياة سر

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن

تأمل شعري في بداية السنة الجديدة 2018 الحياةُ سِرٌّ والأسرارُ مِثْلما نعرِفُ كثيرة يُحزِنُنا بعضُها لِما فيهِ مِنْ حوادثَ مثيرة طيلة َالأسابيعِ والأيّامِ نَبْقى نَتَخوَّفُ حُلولَها فَهْيَ تحمِلُ المُفاجآتِ ولا نَكْتَشِفُ إلاّ قليلَها سَنَةً عَنْ سَنَةٍ تَتعاقَبُ السُّنونُ في حياتنا مِنْها المُوفَّقَةُ لنا ومِنْها الفاشِلَةُ مِنْ تحتنا مِنْها أَيّامٌ وشُهورُ تبدو لنا ثقيلَةَ الأعباء ومِنْها سريعَةُ العُبورِ كأنّا عَنْها غرباء ها نحنُ مِنْ جديدٍ واقفونَ لِتوديعِ عامٍ مضى واستقبالِ الجديد بِعَيْنٍ تَفْرحُ والأُخْرى تَدْمى عَمِلْنا وَجَهِدْنا وسَلَكْنا طُرُقاً كَيْ ننالَ السعادة لَكِنّا اكْتَشَفْنا بِالتّالي أَنَّ الجُهودَ كانَتْ بِلا فائدة حُلْوُها كانَ مرّاً وَعِبْئُها ثَقيلٌ على الأكتاف إذْ كَما قُلْتَ بِدوني سَتَبْقى قُلوبُكُمْ بالجفاف مَضَتِ السَّنَةُ وَأخذَتْ مَعَها كَثيراً من آلامنا كما وأَبْقَتْ قُلوباً مَكْسورَةً تَحتاجُ إلى آمالنا قالوا السَّنَةُ النَّاجِحَةُ نَجاحُها ليسَ مِنَ الخارج لَكِنْ مِنَ الدّاخِلِ إذا ما قُمْنا بِعَمَلِ ما هُوَ دارج السَّنَةُ لها وجهانِ كما للإيقونةِ لا يختلفانِ باللون إنّما بِالقيمَةِ الّتي يُعطيها لها بَعْضُ سُكّانِ الكون لِيْ دُعاءٌ لِرَبِّ الكونِ أَنْ يُعْطينا فيها وقتاً للحَمْدِ والشُّكْرِ وهدوءِ البالِ دوماً لا مُؤقتاً وأن يَزيدَ على أيّامِنا أيَّاماً فيها لَحْظاتُ فرح فتَعْبُرَ الأتْراحُ عنها بِسُرعةِ الْبَرْقِ لا تجرح ويُقَصِّرَ الأيَّامَ المُحْزِنَةَ لنا فَتَمُرَّ عنّا كالبريق بينما يُطيلُها لنا كُلّما جَلسنا بِقُرْبِ كُلِّ صديق عَينانا ستدُرّانِ كُلَّ يومٍ دُموعاً غزيرةً كثيرة لِتَكُنْ دوماً دُموعَ فَرَحٍ مِنْ خَلْفِها نَبْعٌ غزيرة هو لا يسألُنا أينَ ومتى وكيفَ نُريدُ أَنْ نعيش لَكِنّنا نَشْعُرْ دوماً وكأنَّنا تَحْتَ مِظَلَّةٍ كالعريش قالوا في آخِرِ الساعات الْتَقَتِ السَّنتانِ الإثنتان على هامَشِ كَوْكَبٍ بَرّاقٍ تَصافحتا كالأختان السَّنةُ الجديدةُ كانَتْ فَتِيَّةً تلْمَعُ كضوءِ ملاك اسْتَغْرَبَتْ مِنْ مَظْهَرِ القديمةِ مُلْتَوِيَةً كأسلاك هذي ظَهَرَتْ مُثْقَلَةَ الحِمْلِ عائِدةً إلى حيثُ أتت أما تِلكَ فكانت خَفيفةَ الرُّوحِ ولِزميلتِها ابتسمت أنا السَّنةُ القديمَةُ ها قَدِ انْتَهَتْ مُهِمَّتي بينَ البشر ما نَدِمْتُ على إقامتي مَعَهُمْ ولو كان مَدٌّ وجَزْر الكبيرُ والصّغيرُ لَهُمْ آمالٌ كبيرةٌ يَضعونَها فينا مِنَ البِدايَةِ حتّى النِّهايَةِ آمِلينَ وُصولاً إلى المينا قالتِ الجديدةُ أيّامي كأيّامِكِ ستكونُ محدودة مَعي لهم بُرنامَجٌ سأَنْشُرَهُ بعدَ دقائِقَ معدودة نَظرتا إلى الأرضِ حَيْثُ الأولى تَرَكَتْ بيتها بينما الجديدةُ ما كانتْ بَعْدُ قَدْ نَصَبَتْ خيمَتها كانَتِ الأَرْضُ تَعُجُّ بِأنْوارٍ بَرّاقَةٍ كأَنَّها تحترق لَكِنْ يا لِلْعجبْ كانَتْ كُلُّها بَعْدَ لَحَظاتٍ تنسحق أرى النّاسَ يُودِّعونيْ مُتَهَلِّلينَ قالَتِ السَّنَةُ القديمة إنَّ قلبيْ يَهْتَزُّ طَرَباً فَما اقْتَرَفْتُ بِحَقِّهِمْ أيَّ جريمة لا قالَتِ الجديدَةُ هُمْ بِأنوارِهِمْ بِفَرَحٍ ينتظروني ورَقْصُهُمْ هو إشارةٌ تقولُ إنهم قومٌ يحترموني أنتِ على خَطأٍ قالَتِ الأولى هُمْ يُحيُّوني وِداعا وهذا يُفَرِّحُ قلبي الّذي أَخْلَصَ لَهُمْ ثُلاثا وأرباعا لا قالَتِ السَّنةُ الجديدةُ هُمْ بانتظارِ وصولي فَكُلُّ ما سأقولُ لَهُمْ سَيحظى عندهُمْ بالقبولِ قالتْ هذا وانْحَدرتْ لِتصِلَ إلى الأرض على الوقت لتُبَشِّرُهُمْ بِما مَعَها مِنْ مَواعيدَ مُخْبَأَةٍ قبل يوم السبت بينما الأُخرى فَقَدْ طارَتْ إلى العُلى بِحِمْلِها الثقيل سَتَفْتَحُهُ أمامَ الدَّيانِ لِيَفْصِلَ السَّيئَ مِنهُ عَنِ الجميل هَبطَتِ السَّنَةُ الجديدَةُ وإذا بها تَحُطُّ فِيْ بَيْتٍ واسِع شبابيكُهُ عالِيةٌ مُلَوَّنةٌ والنّاسُ فيهِ بينَ واقِفِ وراكِع وقفَتِ السَّنةُ أمامَهُمْ وقالَتْ أنا المُرسَلةُ الجديدة أنْتُمْ في حمايتي ورِعايتي في تَجارِبِكُمُ العديدة لَكِنَّ واحِداً لم يُصْغِ لها لأنَّهُمْ كانوا يُرَنِّمونَ للخالق رافعينَ الشُكْرَ مُصَلِّين مادحين بِطريقةٍ ما لها سابق فَجلستِ السَّنةُ بآخِرِ مَقْعَدٍ تُصْغِي لمديحِهِمْ وشكرهم وَفَهمتْ أَنَّ الحياةَ لا مَعنى لَها بِدونِ الدُّعاءِ لله ربِّهم فعلى بَرْكَتِهِ تعالى مانِحِ هذي السَّنَةِ الجديدةِ لنا لِنُواظب على المَدْحِ والشُّكْرِ والصَلاةِ فهذي ليست فَقَطُ للراهب (تمّ تأليف هذه القصيدة يوم الأحد 31/12/2017،وأُذيعت لأول مرة من راديو مريم، يوم الخميس 04/01/2018)