موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٨

أنا خلقتك

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن

أُذْكُرْ يا إنسانُ أَنَّهُ لا فَضْلَ لَكَ إنْ وُلِدَّتَّ غني فأنْتَ مِنْ تُرابٍ كَغَيْرِكَ وُلِدتَّ في هذا الزمن قالوا صَبِيٌّ وَرِثَ أملاكاً مِنْ والديهِ لا تُحصى راحَ يُبَذِّرُها على نَفْسِهِ مِنَ الصُّبْحِ حتّى المسا لا يَرى لامِعاً أوْ جَديداً فِي الأسْواقِ إلاّ اقتناه لا ولا شَهِيَّاً حَتّى تَذَوَّقَهُ والباقي أكْثَرَهُ اشتراه لا يَبْخُلُ على نَفْسِهِ بِأَكْلٍ فاخِرٍمِنْ أَغلى المطاعم ولا بِلِبْسٍ أُرْجُوانيٍّ ثَمَنُهُ يفوقُ الخَيالَ والمزاعم ما كانَ يَهُمُّهُ إنْ كانَ جارُهُ فقيراً أوْ جائِعاً يراه فَهْوَ مِنَ الطُّفولَةِ ما شَعَرَ كَغَيْرِهِ ما هِيَ المُعاناه يوماً قامَ بِرِحْلَةٍ بَعيدَةٍ إلى بِلادٍ ما كانَ يعرفها دَفَعَ المبالِغَ حَتّى وَصَلَها وقامَ بِجَوْلَةٍ ليكتشفها تَمَشّى في شوارِعِها المُزَيَّنَةِ احْتِفالاً بِعيدِ العشاق نَظَرَ يَميناً وَنَظَرَ يَساراً فقالَ هذي أحْلى الأسواق هُنا مَقَرِّي اليومَ لأُمَتِّعَ النَّظرَ عندما يَمُرُّ الموكِب في المساءِ أَعْزِمُ حَسْناءَ قَبْلَ ما في القِطارِ أركِب وفي اليومِ الثّاني والثّالثِ والرّابِعِ وحتّى العاشر لَنْ أَتْرُكَ مَوْقِعاً لِلّهْوِ والتَّرْفيهِ بَلْ سأزوره مُباشر كالإبنِ الضَّائِعِ في الإنجيلِ ذاقَ أفْراحاً لا توصف الفرقُ الوحيدُ مالُهُ ما نَقَصَ بَلْ زادَ كَثيرٌ للصَّرف وما لهُ من أبٍ يَسْألُ عَنْهُ حينَ يعودُ مُحَمَّلاً بالكنوز جَمَّعَها ليُجَمِّلَ بِها قَصْرَهُ المُذهَّبَ والمَليءَ بالرُّموز في نِهايَةِ المَطافِ صادفَهُ يومُ بَرْدٍ مُظْلِمٍ لا عادي ارْتَدى مِعْطَفاً حَماهُ الْبَرْدَ عِندما سَمِعَ أَحَداً ينادي هِيَ طِفْلَةٌ تَرْتَدي قَميصاً مُمَزَّقاً لا يُخْفي عُورتَها تَرْتَجِفُ مِنَ البَرْدِ والمَطَرِ الهاطِلِ فَوقَها وتحتَها رُحماكَ سيِّدي! أنا طِفْلَةٌ لا مُعَيلَ لها بلا لِباسٍ وحذاء لي إخْوَةٌ صِغارٌ ألا اشْفَقْ فَنحْنُ في الْعَراءِ وبِلا غذاء مُسْتَغْرِباً بَلْ مُحْتَجّاً رَفَعَ يَديهِ إلى العُلى صارِخاً إلى الله لماذا يَخْلِقُ َ هؤلاءَ ولا يَخْلِقْ لَهُمْ مَنْ يُعيلُهُمْ تَحْتَ سماه وإذْ كادَ يَرْكِلُ هذي المَخْلوقَةَ أَوْقَفَهُ صَوْتٌ قالَ مَهلا ألا تَعْرِفُ أنَّني خَلَقْتُك مِنْ أَجْلِها وأَرْسَلْتُكَ مِنَ العلى نعم ما مِنْ فَقيرٍ إلاّ ولهُ بَيْنَ يَديكَ يا غنيْ ما يحتاج فأَطْعِمِ الجائِعَ مِنْ خبزكَ هذا واجِبٌ وحَقٌّ لا مزاج كم مِنْ مُتَسوِّلٍ كم مِنْ جائعٍ كم مِنْ عُرْيانٍ هنا بيننا يَمُدُّ لنا اليَدَ مُنْتظرين طَعامَا وماءً وكُسْوَةً مِنْ جيبنا فَهَلْ لنا قَلْبٌ حَنونٌ كَعُمّالِ الكاريتاسِ في ذا العالم لِنُخَفِّفَ عَنِ المُحتاجينَ ظُلْمَهُمْ لا بَلِ الجوعَ والألم يا إنسانُ! ماذا يَنْفَعُ الغِنى بَيْنَ يَديكَ وَلَوْ كانَ وِراثة لَنْ يَنْفَعْكَ إنْ لَمْ تَعْمَلْ خيراً فالأرضُ تَغِلُّ بالحراثة إنْ لَمْ تَفْتَكِرْ بِغَيْرِكَ وتُعطيْ لِمَنْ هُوَ ِبحاجةٍ لِمالِك لا يُعْطى لَكَ مَكانٌ فِي الفِرْدَوْسِ وَلَنْ تَنْجو بِحالِك