موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٤ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٩

سبعة مفاتيح لإشاعة أجواء السلام في مجتمعنا

الأب د. رفعـت بدر :

فيما يلي المداخلة التي قدّمها مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن الأب د. رفعت بدر خلال مشاركته في قمة التسامح العالمية في دبي، بعنوان: "كيف نشيع أجواء السلام في مجتمعنا؟": من يتتبع أحوال شعوبنا، سيجد أنّ العطش الكبير هو للأمل والرجاء. وبالمناسبة، انّ من أهم الفضائل Virtues التي ندعوها بالالهية أو اللاهوتية هي "الرجاء" Esperanza لأنها تتعلق في السماء، أما الأمل Hope فهو في شؤون الأرض وبالنجاحات المؤقتة. هوذا العطش الأكبر، الرجاء: ولن يتحقق بدون اخوته واخواته. ومنها العدل والسلام والأمن والاستقرار وكرامة الانسان وخلق فرص العمل والعمل على القضاء -أو على الأقل تقليص- نسب البطالة والفقر ورفع مستوى الحريات والحقوق. كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الأمن. ونظن بأن الكلمة إيجابية، لكنها مع الأسف سلبية، لأنها تأتي في أجواء الخوف من كل شيء. وهذا ما نجح الارهاب أو الفرق والمجموعات الارهابية من اشاعته ونشره والترويج له. فالأمن اليوم لا يعني الحدود والطمأنينة وإنما يعني الخوف والترويج للرعب، انه "ادارة الرعب" الفاشلة التي لم تجلب سوى العناء والقتل والترويع. أمّا السلام، فهو الغائب الأكبر في أجوائنا. بحراً وبراً وجواً، وبدل الحديث عن المسيرة السلمية والتفاوض السلمي، وحق تقرير المصير، نتحدث اليوم عن "صفقة" هنا وهناك وعن جدران وليس عن جسور. يقول البابا فرنسيس إن المجتمع يجب ألا يبني "جدراناً ولكن جسوراً" للتشجيع على إقامة علاقات جيدة بين الناس: "ينبغي علينا أن نحمل ضعف الآخرين! وهذه الشّهادة لا تبقى منغلقة داخل حدود الجّماعة المسيحيّة بل يتردّد صداها بقوّة إلى الخارج، في الإطار الاجتماعي والمدنيّ، كنداء لعدم خلق جدران وإنّما جسور ولعدم مبادلة الشّرّ بالشّرّ وللتغلّب على الشّرّ بالخير وعلى الإساءة بالمغفرة: إذ لا يمكن أبدًا للمسيحيّ أن يقول: “سوف تدفع الثّمن!” هذا ليس تصرُّفًا مسيحيًّا! علينا أن نتغلّب على الإساءة بالمغفرة ونعيش بسلام مع الجّميع. هذه هي الكنيسة! وهذا ما يعمله الرّجاء المسيحيّ عندما يتّخذ الملامح القويّة والحنونة للمحبّة!" (مقابلة البابا فرنسيس العامة 8 شباط 2017). فكيف نشيع أجواء السلام حيث يسود الخوف والانقسام ؟ نبحث عن مفاتيح، لاننا لا نستطيع أن نتحدث عن حلول كاملة وأدوية شافية : 1. المفتاح الأول هو التنمية المتكاملة. Integral development لخدمة الانسان، كل انسان وكل الانسان، والانسانية. انّ انساننا العربي، والانسان بشكل عام، يحتاج الى كرامة والى تقليص الفوارق ، والى الاعتناء بحاة كريمة له ولاسرته . بدون حياة كريمة ، لن يتنبه الى واجب الاعناء بمجتمعه والخير العام. وكلاهما مرتبط بالحياة السياسية ، والامنية والتربوية والبيئة الاجتماعية والارتياح الاقتصادي ، ومحاربة الفقر والبطالة وعدم تكافؤ الفرص والرشاوس والمحسوبيات. 2. المفتاح الثاني هو الصبر، الطريق طويل ولا نريد الاستعجال ولا نريد أن نحرق المراحل ولا نريد ان نقفز على جروحات الناس. نريد أن نحصل على النتائج المطلوبة كثمار للعمل المتآني والصبور. علينا أن نصبر على مجتمعاتنا ، انها في حالة ولادة ، قد تتعسر، ولكنها حتما سوف تنشئ أجيالا لا تؤمن الا بقوة المحبة والعدالة للجميع. 3. المفتاح الثالث الحكمة: نصلي في الكنيسة ونقول: "آتنا اللهم حكمة التصرف في شؤون الدنيا وحنيناً إلى شؤون الآخرة". وهذه الحكمة مطلوبة لدى الرؤساء والقيادات السياسية والدينية لكي لا تشجع على خلق عداوات وانما على ربط صداقات. 4. المفتاح الرابع: التربية وليس فقط التعليم. ان منظومتنا التربوية بحاجة إلى اصلاح شامل: المناهج التربوية وحياة المعلمين والبنية التحتية والمساواة بين الطلبة: فهنالك المقتدرون الذين يدرسون في مدارس المناهج العالمية، وهنالك المناهج المحلية. وهنالك الطالب الغني والطالب الفقير. هل نستطيع الوصول المساواة الكاملة ؟ اقتباس من رسالة بطاركة الشرق الكاثوليك 2018: ولهذا نحن بحاجة إلى تربية جديدة، لتكوين إنسان جديد. الدولة مسؤولة، والكنيسة مسؤولة، والمسجد مسؤول. كلّ رجل دين في كلّ دين مسؤول. نحن بحاجة إلى تربية جديدة مرسَّخة على قواعد الرحمة والمحبّة، وعلى قواعد المساواة والكرامة الواحدة التي منحها الله كلّ إنسان. بتربية إنسان جديد يولد مؤمنون يرون الله سبحانه خالقًا رحيمًا ومحِبًّا للبشر. ويولد مجتمع جديد فيه عدل وحرّيّة وتعاون. وبتربية إنسان جديد، تولد دولة جديدة لكلّ مواطنيها، أيًّا كان دينهم. التربية الدينيّة السليمة، للمسيحيّ والمسلم، لكلّ واحد في دينه، تمكّن من بناء مشروع وطنيّ جديد حيث الكلّ إنسان والكلّ مواطن، والكلّ مؤمن في دينه مخلِصٌ له. المشروع الوطنيّ يبني وطنًا للجميع وفوق الجميع. هذا شعار معروف نادَيْنا به وننادي به. ولكنّه حتى الآن لم يتحقّق بعد. لأنّ الوحدة والمساواة ما زالتا غير مكتملتَين بعد. ما زال هناك تفرقة وتفضيل مواطن على مواطن بسبب دينه أو بسبب حرّيّته. بل ما زال هناك اعتداءات ودماء، وما زال هناك تعذيب في السجون بسبب الحرّيّات. يجب أن نتذكَّر الشّرور التي فينا حتّى لا ننسى أنّنا لم نبلغ الكمال بعد، بل علينا حتى الآن واجب تربية وتنقية يجب أن نقوم به. 5. المفتاح الخامس: الإعلام : التنشئة الاعلامية وبالاخص على استخدام الادوات الاعلامية الحديثة وقد اصبحت السلطة الخامسة وليس فقط الرابعة. وعلينا الحديث عن الأخلاق الاعلامية. 6. المفتاح السادس: الحفاظ على التعددية : والذي يتضمن الحرية الدينية: هي أم الحريات وتاجها. يقول البابا بندكتس السادس عشر، علينا الانطلاق من مرحلة التسامح الى الحرية الدينية، حيث يقول البابا بندكتس السادس عشر في إرشاده الرسولي "الكنيسة في الشرق الأوسط": "التسامح الديني موجود في العديد من الدول، لكنه لا يؤدي إلى نتيجة ملموسة لأنه يبقى محدودًا في نطاق تطبيقه. من الأهميّة بمكان الانتقال من التسامح الديني إلى الحرية الدينية". ولقد احتفلنا في عمان قبل ايام بمرور 15 عاما على رسالة عمان ، وتحتفلون في دولة الامارات العربية بعام التسامح ووزارة التسامح، الا اننا بحاجة الى أن نذهب خطوة أبعد وأعلى وهي خطوة المواطنة الكاملة والمساواة بين الجميع، وكذلك علينا الانتقال من مرحلة حرية اقامة الشعائر الدينية الى الحرية الدينية المكتملة. 7. المفتاح السابع: الايجابية. عودة الى الاعلام الحديث، فهو قادر ان يجعل المناخ العام محبطا. وباستطاعته كذلك أن يخلق أجواء من الهدوء والطمأنينة والايجابية والامل والرجاء. دعونا نشجع في تويتاتنا اليومية على اشاعة أجواء من الفرح والتفاؤل، فالقادم أفضل باذن الله. للمزيد من الصور: https://www.facebook.com/pg/www.abouna.org/photos/?tab=album&album_id=2…