موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٦ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٠

أين وجهتنا القادمة؟

الأب د. رفعت بدر :

مؤلم أن تشاهد التقرير المصوّر الذي نشرته صحيفة النيويورك تايمز على موقها الالكتروني بعنوان «عقد من الصور» a Decade in Pictures وهو توثيق لبعض الأحداث الكبرى التي حصلت منذ عام 2010 إلى العام الحالي 2020. وطبعاً من ينظر إلى الوراء، يقول وكيف استطاع القائمون على الصحيفة أن يختزلوا تلك العشرة أعوام ببعض صور قليلة؟ ألم يكن الأمر دموياً كواحد من أصعب السنوات عربياً ودولياً؟ بالتأكيد كان ذلك: من الربيع العربي الدامي، إلى انهيار القاعدة، ونشوء داعش ومآسيها، إلى الفيضانات والزلازل السياسية والجغرافية، إلى البراكين ?لثائرة، إلى انهيار الحكم في عدد من البلدان، الى ازدياد ظاهر بنسب الفقر والبطالة في العالم، والى ظهور أمراض جديدة تنشأ بين ليلة وضحاها وتنتشر عولمتها بسرعة البرق... يا إلهي! كل ذلك وغيره في عقد واحد وفي بعض صور عابرة، تخللتها آلام الأطفال وصراخهم مع عائلاتهم وهم يشقون دروب التهجير المتقاطعة في مطارات وشطآن العالم، ومنهم من قضى وهو ينتظر الوصول إلى ميناء سلام. وبعد العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين من الألفية الثالثة نقول: الحمدلله، فقد كان الكأس نصف ملآن أيضاً، وبالرغم من آلامه هنالك آماله وطموحاته، وقصص نجاح شق أصحابها دروبهم إليه بتصميم وعناد إيجابي وتطلع نحو الوجهة النهائية أو Final destination. وهنا أشير إلى ما جاء في خطابين هامين مع أولى أيام هذا العام: الأول لجلالة الملك عبدالله الثاني في البرلمان الأوروبي: في التعبير عن صوت أو أصوات الشعوب الذين قالوا كلمتهم في العقد الماضي وعبروا عن رغباتهم وعن «الوجهة» التي يريدون الوصول إليها، لكنهم، كما قال جلالته: » يتطلعون إلينا لإرشادهم إلى سبيل تحقيقها». أما الكلمة الثانية فهي لقداسة البابا فرنسيس أمام ممثلي البلدان الدبلوماسيين المعتمدين لدى الكرسي الرسولي- الفاتيكان، وهو ما درجت العادة على تسميته بخطاب «حالة العالم» State of the World: حيث وجه كلمة للتحلي بالرجاء- أو الأمل وهو الرجاء الواقعي الذي يتطلب «الوعي للمسائل الكثيرة التي تؤثر على عصرنا بالتحديات الرابضة في الأفق». كم نحن بحاجة إلى إعادة التمعّن بصور نيويورك تايمز في ضوء كلام جلالة الملك انّ علينا مسؤوليات جسام في مساعدة الناس للوصول في قطار الحياة إلى وجهاتهم النهائية، وإلى تحقيق أهدافهم العالية. وفي ضوء كلمة البابا فرنسيس الداعية إلى تفضيل جسور المصالحة والتضامن على حواجز الكراهية. نعم كان عِقدا معقّدا، لكنّه لم يكن خاليا من المرشدين الاكفاء والمؤهلين لأن يكونوا قدوة لغيرهم في ادارة الشؤون السياسية والدينية والفكرية، فقادوا البشرية بكلّ حكمة وتفان إلى » الوجهة» الصحيحة التي يحلم كثيرون بالوصول اليها. وقد تعثّر الوصول أحيانا أو تأخر... لكنّ ذلك لا يثني العزيمة عن مواصلة السير على دروب الخير والنماء للجميع. Abouna.org@gmail.com